د. علي بن حمد الخشيبان

مع تطورات القضية الفلسطينية، وهي القضية الأهم للدول العربية وكثير من الدول الإسلامية، تنشأ أسئلة كثيرة حول ما يدور بشأنها من أطروحات مستجدة، تبحث عن حل لهذه القضية المعقدة تاريخياً، والتي ليست جديدة، وتقريباً استنفدت معظم الحلول التي تم طرحها على الساحة السياسية.

في كل مرة تأتي الدول الكبرى بالحلول من أجل إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتتشكل موجة دبلوماسية وإعلامية تروج لذلك الحل كما نتذكر في كامب ديفيد أو أوسلو أو غيرهما من المحاولات، لكن النتيجة النهائية التي قادنا إليها التاريخ، هي: أن هذه القضية ذات تعقيدات يصعب تفكيكها في مبادرة سلام واحدة، فالمساحة التي تقف عليها هذه القضية ليست فقط جغرافيا بل هي تاريخ واقتصاد وسياسية وأيديولوجيا.

لهذه الأسباب علينا أن نفرق بين التطبع في القضية الفلسطينية والتطبيع، فالتطبيع هو النتيجة النهائية المحتمل الوصول إليها، ولكن هناك معوقات كبرى لأننا تطبعنا على أن فلسطين لها حقوق أكبر من أن يتم تجاوزها بمجرد التفكير بالتطبيع.

هناك حلول ممكنة وهي ليست بالقليلة، ولكن هناك طباع تاريخية تسير عليها مثل هذه القضايا، فأي حلول للقضية الفلسطينية لا تراعي التوازن بين حقوق الفلسطينيين والإسرائيليين يمكنها أن تفشل وبسرعة، حتى في فرصة القرن كما أسمتها أمريكا، ولا أعلم لماذا يدور اعتقاد مفاده أن الحل أصبح وشيكاً بينما التاريخ علمنا غير ذلك تماماً.

صحيح أن إسرائيل ترغب في أن تطبع في علاقاتها مع الدول المحيطة بها، وهذا ممكن لو تطبّعت إسرائيل بالحقوق التاريخية للفلسطينيين، وأعطت القضية حقها في تشكيل مسار يؤدي إلى بناء سلام شامل يرسخ فكرة التجانس بين الشعبين في دولتين متجاورتين.

لقد تطبعنا عبر التاريخ بالكثير من السلوك والقيم والعادات والتقاليد حول قضية فلسطين، وهي قضية الأرض والمكان قبل كل شيء، كما أن هذه القضية علمتنا عبر التاريخ أن الأرض وأهمية المكان هما المحوران الرئيسان لهذه القضية، بينما الأفراد متغيرات متحركة وغير ثابتة.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


في اعتقادي أن الحلول تكمن في توازن بين ما تطبعنا به نحن العرب فيما يخص القضية الفلسطينية وحقوقها التاريخية، وبين فكرة التطبيع التي من المفترض أنها ستكون نتيجة تلقائية للجهود الممكن بذلك لتحقيق السلام في المنطقة.