فاروق جويدة

لا يعقل أن تتحول قضية شعب وأرض واحتلال وملايين البشر إلى مشروع اقتصادي

لا أدري هل كان من الحكمة مشاركة الدول العربية في ورشة المنامة الاقتصادية تحت رعاية أمريكية، رغم أن الفلسطينيين رفضوا المشاركة في هذه الورشة، لأنها تخرج بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي إلى مسار آخر.

إن ورشة المنامة الاقتصادية دخول بالقضية الفلسطينية من الباب الخطأ، ولا يعقل أن تتحول قضية شعب وأرض واحتلال وملايين البشر إلى مشروع اقتصادي لتحسين معيشة الشعب الفلسطيني.

إن اختصار القضية الفلسطينية في مشروعات للنمو الاقتصادي أو زيادة الصادرات للدول المجاورة أو تشجيع القطاع الخاص الفلسطيني، وتحسين التعليم والصحة.. أن يسبقه إقامة وطن ودولة وحل سياسي لشعب يعيش خارج أرضه، وإنهاء صراع طويل امتد أكثر من ستين عاماً بين شعبين على وطن واحد وأرض واحدة.

إن ورشة المنامة الاقتصادية لا يمكن أن تكون حلاً للصراع العربي الإسرائيلي لأسباب كثيرة، أولها: أنها تُمهِّد لكارثة أكبر اسمها صفقة القرن، وهي لا تعترف بالمبادرة العربية التي أقرتها مؤتمرات القمة العربية والأمم المتحدة والرأي العام العالمي، والتي تؤكد حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، التي ترفض أمريكا وإسرائيل الآن الحديث عنها.

وثانيها: أن ورشة المنامة تعترف ضمنياًّ بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهذا مخالف لكل قرارات القمم العربية والإسلامية، لأن القدس لا تخص فقط الشعب الفلسطيني، ولكنها قضية العرب والمسلمين في كل أنحاء العالم.

وثالثها: أن الورشة تتحدث عن دعم مالي يبلغ 50 مليار دولار لدعم اقتصاد المنطقة بما في ذلك الشعب الفلسطيني، وهذا المبلغ لن تدفعه أمريكا بالطبع ولكن سوف يكون شراكة دولية ما بين أوربا ودول الخليج وأمريكا والصين وإن كان النصيب الأكبر سيكون على حساب دول الخليج العربي، وهذا المبلغ ليس أكثر من صفقة سلاح أو عدد قليل جداً من الطائرات الحربية أو بعض الصواريخ أو القوارب والسفن، وإنهاء القضية الفلسطينية بهذا المبلغ الضئيل كارثة تاريخية وإنسانية، والدول العربية بدون دعم من أحد تستطيع أن تجمع هذا المبلغ في قمة عربية تسترد بها كرامة أمة ومصير شعب.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


طرح القضية الفلسطينية على النحو الذي ساد في خطاب المنامة يشي بتحول قضية العرب الأولى إلى قضية اقتصادية بحثاً عن بعض الدولارات أو المشروعات، ونسيان الأرض والشعب والدماء والشهداء، لذلك كان من الطبيعي رفض الشعب الفلسطيني بكل رموزه المشاركة في تلك الورشة، وهذا سيحول دون تورّط دول عربية أخرى فيها، أو أن توافق على أشياء لا تخصها وليست من حقها.

إن رفض الفلسطينيين الموافقة على المشاركة في هذه الورشة كان أمراً كافياً لأن ترفض الدول العربية أن تتحدث باسمهم.. وهذا يتطلب من الفلسطينيين العمل بجد من أجل إحياء قضيتهم واسترداد حقوقهم المشروعة، وألا يسمحوا لأي أطراف أخرى بتوظيف قضيتهم خارج سياقها التاريخي.