صالح البيضاني

في خريف عام 2014، كان اليأس والوَجل قد تسلل إلى قلوب الكثير من اليمنيين وهم يرون الميليشيات الحوثية تجتاح المدينة بعد الأخرى، عقب إحكام سيطرتها على العاصمة صنعاء في الحادي والعشرين من سبتمبر.

بدت علامات الزهو والغرور على وجوه العناصر الحوثية المسلحة، التي تسللت إلى شوارع العاصمة وأزقتها، وأنهت آخر مظاهر الدولة في الجمهورية اليمنية، عندما اقتحمت الوزارات ومعسكرات الجيش، وتردد صدى صرخاتها الخمينية التقليدية التي تنادي بالموت في أرجاء المدينة.

لم يلبث الحوثيون طويلاً قبل أن يشدوا الرحال إلى مهوى أفئدتهم، حيث أعلنوا من طهران عن إبرام اتفاق يقضي بتسليم موانئ اليمن ومطاراته الحيوية لإيران، وتسيير جسر جوي بين طهران وصنعاء، فيما وُصف حينها بأنه أوقح وأغبى صفقة، هذه الصفقة التي استفزت مشاعر اليمنيين وكشفت مبكراً عن مخططات الحوثي.

لم يدم زهو الحوثي طويلاً، فسرعان ما أُعلن من الرياض عن تشكيل تحالف عربي، حمل على عاتقة إعادة الشرعية وتخليص اليمنيين من براثن إيران ومخالب ميليشياتها المسلحة التي عاثت فساداً في الأرض.

استيقظ اليمنيون الذين تملكهم مزيجٌ من الحزن، اليأس والغضب في الخامس والعشرون من مارس 2015 على أولى عمليات «عاصفة الحزم» التي بعثت برسالة قوية، مفادها أن العرب لن يتركوا اليمن فريسة لنظام الملالي وأذنابه.

وفي أبريل، شاهد أبناء عدن أولى طلائع القوات الإماراتية، وهي تلاحق بمدرعاتها العسكرية فلول الميليشيات الحوثية إلى جانب المقاومة الشعبية التي ملأت شوارع المدينة المغدورة.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


وخلال أشهر قليلة من انطلاق «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل»، غيّر تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية ومشاركة دولة الإمارات الاستثنائية من المعادلة في اليمن، فبعد أن كان الحوثيون على وشك إكمال سيطرتهم على كل مناطق اليمن، باتوا يكافحون للحفاظ على آخر منفذ بحري لهم في الحديدة.

شارك أبطال الإمارات إلى جوار أشقائهم في تحرير عدن ولحج وأبين والضالع وشبوة والحديدة، ومأرب التي ُرفع العلم الإماراتي على سدها التاريخي الذي أعاد تشييده حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في 1986.

وتوالت البصمات الإماراتية الناصعة بعد ذلك؛ يد تُحرر الأرض وأخرى تُعيد بناء وتأهيل ما دمرته الحرب، في تناغم فريد ونادر بين الشجاعة والعطاء.

لم يتوقف الدور الإماراتي في اليمن، الذي يحاول بعض المأزومين اليوم والمدفوعين بأجندات سياسية بغيضة تشويهه والانتقاص منه عند التحرير والتعمير، بل تعدى ذلك إلى المجال الإغاثي والإنساني، وحفظ السكينة في المحافظات المحررة وطرد العناصر الإرهابية التي كانت تتوق لملء الفراغ الأمني بعد التحرير.