د. محمد لعقاب

إن تهديد المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي بضرب المصالح التركية في ليبيا، أي ضرب التدخل الخارجي، يضاف إليها عدم حسم معركة طرابلس المستمرة منذ أشهر، يطرح العديد من التساؤلات بخصوص فعالية الحلول المقترحة لحد الآن.

فمنذ سقوط نظام الرئيس معمر القذافي عام 2011 وتدخل الأمم المتحدة بشكل متعجل، تداول على ليبيا ستة مبعوثين دوليين، يقدر راتب الواحد منهم بـ 260 ألف دولار سنوياً، لكنهم فشلوا في إيجاد حل للأزمة، بالمقابل تراجعت الأفكار الليبية الخاصة، النابعة من رحم الشعب الليبي، لإيجاد حل لأزمة بلدهم، وحلت محلها الأفكار الخارجية سياسياً وعسكرياً، وبدورها لم تفلح، وخلال السنوات الماضية لم يحتكم الليبيون للعمل السياسي الصرف كسبيل لبناء ليبيا الجديدة، بل تغوّل الحل الأمني، تحت تأثير التدخل الخارجي لدعم الأطراف المتصارعة.

وبعد مرور نحو عشر سنوات من سقوط نظام القذافي ـ تقريباً ـ لم يفلح لا الحل الأمني ولا التدخل الخارجي في بناء ليبيا الجديدة، لذلك آن الأوان لسلوك سبل أخرى، سبل الحل السياسي الذي يولده الليبيون أنفسهم بدون أي تدخل خارجي، فالخارج، مثل دول الجوار والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، يجب أن يكون دوره مسهلاً فقط.

لقد اتضح أن الحل الأمني والتدخل الخارجي، لم يكن يهمهما إيجاد حل بقدر ما كان يهمهما تعقيد الحل وخلق الفراغ، حتى تتمكن القوى الفاعلة على خشبة المسرح العالمي من رسم ليبيا الجديدة على مقاس مصالحها.

كما تأكد أن ذات الحل أطال عمر الأزمة وبالتالي معاناة الشعب الليبي، وتهديد تماسك المجتمع بفعل العمل العسكري، والوحدة الترابية لليبيا بالحديث عن تأسيس نظام فيدرالي أساسه ثلاث دويلات: طرابلس، فزان، وطبرق، رغم أن الشعب الليبي لم يكن طيلة عقود خلت يفكر في تفتيت ليبيا من أجل إعادة توحيدها في نظام فيدرالي، ما يعني أن الفكرة ليست ليبية من الأساس، وصولاً إلى رهن سيادة ليبيا مستقبلاً، لأن الطرف الغالب عسكرياً يبقى رهينة لمن دعمه حالياً.

لذلك ينبغي اليوم مساعدة ليبيا على التخلي عن مواصلة انتهاج الحلول الفاشلة، والجلوس على طاولة الحوار، ولا ينبغي التحجج بفشل لقاءات حفتر والسراج في باريس وأبوظبي وروما، فأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية تحاورت على جثث الملايين من القتلى، والليبيون لم يصلوا إلى درجة دموية العلاقات الأوروبية خلال الأربعينيات من القرن الماضي.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟