مصطفى طوسه

الدبلوماسية الأوروبية ستنعش ثقافة الوساطات لإقناع إيران بالعدول عن سياستها

دقت ساعة الحقيقة في علاقات دول الاتحاد الأوروبي وإيران، بعد تطبيق السلطات الإيرانية تهديداتها بالعودة إلى تخصيب اليورانيوم، والخروج التدريجي من اتفاق فيينا.. إيران هددت أوروبا بنبرة المبتز، الذي يشعر بأن لديه القدرة على فرض إرادته وأجندته، فقد منحتها مهلة شهرين، ثم أوفت بوعيدها.

وبالرغم من التحذيرات الأوروبية التي صاحبت هذا التصعيد الإيراني لم تعر طهران أي اهتمام لمواقف الدول الأوروبية، التي قامت بدور المحامي الشرس عن اتفاق فيينا متسببة في أزمة وتوتر مع جميع الدول الرافضة له والمنتقدة لهفواته، بدءاً من أمريكا مروراً بدول الخليج.

وفي سبيل الدفاع عن هذا الاتفاق، غامرت دول الاتحاد الأوروبي بمصالحها الاقتصادية مع الولايات المتحدة، وأرغمت على صياغة آلية اقتصادية بديلة للالتفاف على تأثير العقوبات تعتبرها القيادة الإيرانية غير كافية.

أوروبا غضت الطرف عن أنشطة النظام الإيراني الإرهابية على التراب الأوروبي، سواء تلك التي استهدفت معارضين إيرانيين على التراب الأوروبي أو مشاريع إرهابية عبر استعمال أسلحة كيمياوية من طرف خلية إرهابية إيرانية، تم الكشف عنها مؤخراً في بريطانيا.

والآن وقد عادت إيران إلى مسلسل إنتاج سلاحها النووي تجد دول الاتحاد الأوروبي نفسها في موقع حرج، حيث أصبح أمامها خياران لا ثالث لهما: أن تتخذ إجراءات ملموسة ترقى إلى مستوى التحديات الأمنية التي يفرضها التصرف الجديد للسلطات الإيرانية، أو أن تدفن رأسها في رمال اللامبالاة كالنعامة حتى لا ترى الحقيقة القائلة: إيران دولة مارقة عدوانية، توسعية تريد أن تبتز العالم عبر حيازة السلاح النووي، الذي قد يفتح الباب لسباق إقليمي محموم يهدد أمن واستقرار العالم.

الضغط على دول الاتحاد الأوروبي قد يأتيها أيضاً من مواقف بعض الدول الكبرى التي عادة ما كانت تدعم إيران سياسياً واقتصادياً، فقد كان مثيراً للاهتمام الانتقاد والتحذير لإيران، الذي طال أيضاً حلفاء طهران التقليديين كروسيا والصين.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


ومع ذلك فمن المرتقب أن تنعش الدبلوماسية الأوروبية ثقافة الوساطات بهدف إقناع إيران بالعدول عن سياستها، والعودة إلى طاولة المفاوضات حول اتفاق جديد يطال أيضاً البرنامج البالستي والأنشطة العدوانية.

ويرى بعض الأوساط أنه لا يمكن لهذه الوساطات أن تنجح إلا إذا كشرت دول الاتحاد الأوروبي عن أنيابها، وأظهرت استعدادها للذهاب بعيداً على الأقل في منطق العقوبات الاقتصادية.