د. فاتح عبد السلام

الأهداف الروسية في مرمى أيّ اشتباك إسرائيلي ـ إيراني بسوريا مستقبلاً

حين قال قبل فترة وجيزة، نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريباكوف: «إنّ إيران ليست حليفة لموسكو وأنّ بلاده لا تستخف، على أي نحو، بأهمية التدابير التي من شأنها ضمان أمن قوي لإسرائيل، وأن هذه التدابير من أهم أولويات روسيا».

كانت العلامة واضحة في تأشير الخلافات الروسية الإيرانية، لا سيما بعد الانتهاء من المهمة الأساسية التوافقية في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد ومنع انهياره، وأنّ هذه المهمّة أُنجزت وصارت من الماضي، لكنّ المهمّة الاستراتيجية الأكبر في النفوذ الروسي، لا تزال غير منجزة، وهناك توافق إسرائيلي أمريكي واضح على استمرار روسيا في سوريا، كونها الضمانة التي تمنع توسّع نفوذ إيران هناك.

إن روسيا تستأجر قاعدة ومرفأ طرطوس السوري لنصف قرن، لكنها باتت تشعر أنها ليست وحدها في خط البحر المتوسط، بعد توقيع الاتفاق الإيراني السوري، على استئجار مرفأ اللاذقية على نفس الخط البحري العام الماضي، ليكون رأس الجسر الإيراني العابر من خلال سكك حديدية انطلاقاً من ميناء الإمام الخميني، ومن ثمّ عبر الشلامجة والبصرة، صعوداً إلى سوريا ليصب في مرفأ اللاذقية، الذي تملكته إيران لمدة غير معلنة حتى الآن. جانب البحر المتوسط من سوريا، لم يعد بيد روسيا وحدها وهذا ما لن تقبله موسكو، مدعومة من إسرائيل، والتي وجدت في الروس خير وسيلة لصد نفوذ الإيرانيين دون الاشتباك معهم.

أما العراق فيبدو الطرف المستجيب دون أي اعتراض على الرغبات الإيرانية، دون التدقيق كثيراً في الغضب الروسي، ذلك أنّ بغداد ليست لها الخبرة الكافية اليوم، للتعامل مع موسكو بمثل ما هو حالها مع الجانبين الإيراني والأمريكي.

إن المتاح بيد روسيا اليوم، منع انتشار المليشيات العراقية المموّلة إيرانياً شرق سوريا، وربّما في مناطق حدودية غرب العراق إذا لزم الأمر، وحماية مد خط سكك الحديد الذاهب إلى مرفأ اللاذقية، الذي لا يبعد كثيراً عن قاعدة حميميم الروسية الضخمة، ذات الدور الأساس في سوريا.

ومن الناحية الاستراتيجية فإن خط سكك الحديد يشكل خطراً على الأمن الروسي في المنطقة، لأنه يجعل الأهداف الروسية في مرمى أيّ اشتباك إسرائيلي ـ إيراني في سوريا مستقبلاً.. إضافة لذلك، فإن روسيا غير مرتاحة من الخطط الإيرانية في سوريا، وقد لا يكون صبرها كبيراً.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟