مصطفى طوسه

الدبلوماسية الفرنسية تستعد لاحتمال قد يطرأ في أي وقت بخصوص إيران

كثر الحديث هذه الأيّام في عواصم القرار الأوروبي عن إمكانية أن يقوم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بزيارة إلى طهران بهدف تجسيد الوساطة، التي تقوم بها حالياً فرنسا قصد خفض حدة التوتر بين الأمريكيين والإيرانيين ومحاولة إنقاذ اتفاق فيينا حول النووي الإيراني.

الدبلوماسية الفرنسية تستعد على قدم وساق لهذا الاحتمال الذي قد يطرأ في أي وقت، نظراً لحساسية المعادلة الأمنية في المنطقة القابلة للالتهاب والانفجار في أي لحظة.

لكن صانعي القرار الدبلوماسي الفرنسي يؤكدون أنه إذا تحقق هذا المشروع الطموح والتاريخي، فمعنى ذلك أن ثمة تفاهمات مفصلية تم التوصل إليها بين باريس وطهران، يجعل لهذه الزيارة هدفاً ملموساً وإنجازاً مقنعاً يمكن للرئيس ماكرون أن يُسوِّق نتائجه للإدارة الأمريكية، ولدول الاتحاد الأوروبي، ولإسرائيل، ولدول الخليج العربي التي تعاني منذ عقود من العجرفة والتهديدات الأمنية الإيرانية.

الملاحظ أن الدبلوماسية الفرنسية التي تقمصت شخصية الصقور بمناسبة ولادة اتفاق فيينا في عهد الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند ووزير خارجيته لوران فابيوس في محاولة لتعطيله وفرض شروط أكثر قساوة على المحاور الإيراني من تلك التي قبل بها الرئيس الأمريكي آنذاك براك أوباما، هي التي تهب الآن لمحاولة إنقاذ الاتفاق وإخراج الإيرانيين من عنق الزجاجة، التي وضعهم فيها نظام العقوبات الأمريكية الذي فرضه دونالد ترامب.

اليوم، وبعد وساطتين معلنتين ألمانية ويابانية، وثانيتين سريتين عمانية وسويسرية، ها هو الرئيس الفرنسي يلبس بذلة رجال الإطفاء ويعبر عن استعداده للانخراط في مشروع طموح لجمع الإيرانيين والأمريكيين على طاولة مفاوضات لنزع فتيل الانفجار وخفض حدة التوتر.

ويعرف الرئيس الفرنسي أن لمثل هذا اللقاء ثمناً سياسياً يتمثل في إدراج نقطيتين أساسيتين في أي تفاهم جديد، وهما: النشاط الباليستي الخطير الذي يؤرق دول المنطقة، والأنشطة العدوانية والتوسعية التي جعلت منها إيران عنواناً لعقيدتها الدبلوماسية والعسكرية.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


وكان لافتاً أنه في عز التصعيد الأمريكي ــ الإيراني تركيز الإدارة الأمريكية على ضرورة أن تكف إيران عن تمويل واستعمال وكلائها في المنطقة، وما التركيز الكثيف على حزب الله ومعاقبة رموزه إلا دليل عن الأهمية القصوى التي توليها أمريكا لهذه الإشكالية وتفرضها على آليات أي وساطة، كتلك التي تجتهد فرنسا حالياً في تحقيقها.