صالح البيضاني

ألقى مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، على أيدي الحوثيين في الرابع من ديسمبر 2017، بظلاله الثقيلة على خارطة التحالفات في المشهد السياسي اليمني، الذي كان يمر آنذاك بتعقيدات بالغة اكتنفتها حالة انقسامٍ عنيفة بين فريقين رئيسين.. مناهض للحوثي يتمثل في الشرعية والأحزاب والمكونات الملتحقة بركبها، والآخر يضم الحوثيين وقطاعاً كبيراً من حزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة مؤسس الحزب، الذي أدرك في نهاية المطاف أن تحالفه مع ميليشيات عقائدية مثل الحوثيين كان مجازفة، وربما خطيئة دفع حياته ثمناً لها عندما أراد تغيير موقع اصطفاف حزبه الكبير المؤثر في حياة اليمن السياسية.

تعرض حزب المؤتمر الشعبي العام الذي ارتبط باسم مؤسسه صالح، الذي جمع بين قيادة الدولة والحزب في آن واحد، لعدد من الهزات الكبيرة في مسيرته، كما شهد موجات نزوحٍ سياسي نحو خارجه بدءاً من عام 2011، عندما قادت أحزاب المعارضة فعاليات احتجاجية انتهت بمغادرة علي عبدالله صالح لقيادة الدولة، واحتفاظه بمنصبه السياسي والتنظيمي كرئيس لحزب المؤتمر الشعبي العام، وشهدت تلك الفترة موجة أولى لمغادرة كوادر وقيادات يُعتقد أن معظمها كانوا من المرتبطين بالفكر الإخواني وجماعات الإسلام السياسي، التي كانت تقوم بدور مرسوم ومحدد في الحزب الحاكم كأحصنة طروادة يتم استدعاؤها عند الطلب.

وتعرض المؤتمر لموجة نزوح أخرى في أعقاب «عاصفة الحزم» في مارس 2016، والتي كانت موجة أكثر قسوة من سابقتها، حيث ضمت قيادات بارزة احتفظت بموقعها في المؤتمر، لكنها رفضت الاصطفاف مع الحوثيين، ولأول مرة هدد هذا الانقسام وحدة الحزب وتماسكه.

أما التحول الأخطر في تركيبة المؤتمر، فقد أتى عقب مقتل رئيس ومؤسس الحزب نفسه، حيث ظهرت التباينات بشدة داخل الصفوف، ما أدى إلى انفلاق الحزب إلى ثلاثة تيارات رئيسة.. الأول انضوى تحت ظلال الشرعية، والثاني فضّل الاستمرار في تحالف نفعي مع الحوثيين، أما التيار الثالث فقرر مغادرة خانة الاصطفاف مع الحوثيين، وعدم الالتحاق بركب الشرعية وانتظار ما تسفر عنه الحرب والتحولات السياسية العاصفة والمتلاحقة.

وخلّف رحيل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، بما يتمتع به من حنكة سياسية وكاريزما، فراغا كبيراً في هرم الحزب الأضخم والأكثر جماهيرية في اليمن، إلا أن قوة صالح وسطوته كانت سبباً في إضعاف تركته بعد رحيله، حيث لم تستطع أي شخصية أن تقود هذا العملاق الجماهيري، الذي بات يشق طريقاً وعرة، ومحفوفة بالمخاطر دون قائد، وبلا رأس!

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟