محمد زاهد غول

تواجه تركيا أزمات معقدة؛ فداخلياً الوضع السياسي أمام إعصار قوي جراء انشقاقات داخل حزب العدالة والتنمية، وبروز بدائل حزبية جديدة، ومن ثم الانتخابات المبكرة التي قد تُغيِّر وجه تركيا، إضافة إلى الوضع الاقتصادي المتأزم.

من جهة أخرى، سياسة تركيا الخارجية في قلب أزمة مع الولايات المتحدة بسبب صواريخ س-400 الروسية هذا من جهة، ومع حلف الناتو من جهة أخرى، كما أنها في أزمة موازية مع الاتحاد الأوروبي حول التنقيب عن الغاز شرق المتوسط، في ظل إعلان الاتحاد عن إمكانية فرض عقوبات على أنقرة، لإصرارها على التنقيب دون اتفاق مع اليونان والدول المعنية.

أما في ليبيا فتضيف أزمة المعارك الضارية ضغطاً متزايداً على أردوغان خارجياً، مما قد يُعمِّق العداء المتزايد مع عدد من الدول العربية والغربية، وأخيراً نجد الموقف التركي من أزمة العلاقات والعقوبات الأمريكية على إيران وروسيا.

إن ردود أفعال تركيا هي ما وصفته الرئاسة بـ «القلق العميق إزاء مزاعم مشبوهة تتهمها بالتورط في مؤامرة للالتفاف على قوانين الولايات المتحدة الأمريكية»، فالمتحدث باسم الرئاسة، فخر الدين ألطون قال: «إن جماعة غولن الإرهابية وأطرافاً متعاونة، تسعى إلى تضليل الرأي العام الأمريكي عبر اتهام أنقرة بإقامة علاقات غير قانونية مع شخصيات من فريق الرئيس دونالد ترامب»، وهذه الأزمة على طاولة القضاء الأمريكي الآن.

وأما مشكلات تركيا الخارجية مع روسيا وإيران فهي مؤجلة بسبب صفقة الصواريخ س-400 الروسية، وإلا فإن حسم موضوع اتفاق سوتشي 15 سبتمبر 2018، حول أدلب لا يزال أزمة كبرى بالنسبة لتركيا، فلا هي تحتمل تهجير واستقبال المزيد من الملايين على أراضيها، ولا هي تستطيع حسم معارك مباشرة مع هيئة «تحرير الشام»، التي تتمسك بمواقعها وأسلحتها الثقيلة، مما سيدفع روسيا إلى التدخل العسكري المباشر لحسم ما لم تنجح تركيا بحسمه، بموجب الاتفاق.

وما يفاقم مشكلات أنقرة كذلك، هو الموقف التركي من التناطح الأمريكي ـ الإيراني، ما يجعلها طرفاً في الأزمة أيضاً، لأنها تعلن صراحة أنها ضد العقوبات أولاً، ثم تذهب إلى فتح شراكة مع طهران، في ظل التوتر بين الرئيس دونالد ترامب والملالي ثانياً، وكأنها غير مقتنعة بجدية هذا الصراع، أو أنها تخشى أن تكون هدفاً مشتركاً للغريمين في آن واحد.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


إن امتناع تركيا عن الاصطفاف إلى جانب الموقف الأمريكي يزيد من أزماتها مع الغرب ومع أمريكا، فضلاً عن أن اقتصادها لا يستطيع الاستغناء عن العلاقات التجارية الطاقوية مع إيران.