د. أسماء الكتبي

قبل عدة أسابيع، أثارت مقابلة طوني خليفة مع صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، سخطاً على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، حين ادعى توقف قلبه لمدة ثلاث دقائق، ووصفوا ما قاله بالدجل السياسي، خصوصاً تركيزه على رؤيته لأشخاص كان يتصدق عليهم، وكأنه صاحب كرامات، وفقاً لوصفهم.

لن أدخل في تفاصيل عدم إمكانية العودة من الموت القصير وكأن شيئاً لم يكن، فتوقف القلب يعرقل وصول الأكسجين للدماغ والأعضاء الأخرى للجسم، مما قد يؤدي إلى فشل أو شلل لكل أو بعض الأعضاء، أو الموت في حالات كثيرة، وعليه يستحيل أن يكون عريقات صحيحاً وبلا علة بعد تلك الحادثة.

لكني سأركز على الدجل السياسي نفسه، الملفت أن اللفظين الذين يتكون منهما المصطلح شبه رديفين، فكلاهما يعني تزييف الحقيقة، فـ «دجل»، معناه لغة كذب وموه وطلى، لذلك يقال دجل الحق بالباطل، أي يلبس الحق بالباطل.

أما مفردة «سياسية» فأن مصدرها ساس الذي يعني تولي أمر الناس أو الدواب بالحق أو الباطل، وتولي أمر الناس بالباطل هو السائد حتى في الدول التي تتبنى الديمقراطية، وفي هذا السياق لا يمكن غض البصر عن «متنبئي» البيت الأبيض.

وعربياً شاع تداول مصلح الدجل السياسي بعد ثورات الربيع العربي، وكتبت مقالات حوله بمصر وتونس، بل إن دولة عربية منسية، كتب محللوها عن الدجل السياسي فيها، للتدليل على محاولة القفز فوق حجم الذات السياسية الطبيعية، وتضخيم الفعل والموقف السياسي، مثبتين دور آلة الإعلام السياسي لتعزيز هذا الوهم، بالإضافة لثلة من الإعلاميين والمثقفين يطبلون له ويبررونه للعامة.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟