د. محمد المعزوز

شراء «S-400» يناقض معاهدات الناتو وسيعرض الحلف لتصدعات وعقوبات ضد تركيا

بعد ثلاث سنوات من الحصار، تنتهج تركيا سياسة مناقضة لحلف الناتو، وذلك بعد استقبال القاعدة العسكرية بأنقرة الشحنات الأولى من الصواريخ الروسية المضادة للطائرات «S-400» يوم 12 يوليو الجاري، وهذا ما نشره وزير الدفاع التركي في موقعه الخاص، مؤكداً أن شحنة هذه الصواريخ هي مجرد دفعات أولية ستستكمل خلال هذا الصيف عن طريق وكالة «طاس»، حيث تقدر تكلفة هذه الصفقة التي تم توقيعها سنة 2017 بـ 2,5 مليار دولار.

والمؤكد أن شراء هذه الصواريخ الذي يناقض معاهدات حلف الناتو، سيعرض هذا الحلف إلى تصدعات، وإلى استصدار عقوبات قاسية ضد تركيا، لأن اقتناءها له تأثيرات سلبية في أنظمة الدفاع الجوي للتحالف.

ويمكن تفسير موقف أنقرة التي تريد أن تكون مستقلة بقراراتها، من خلال تصريح أردوغان بقوله في الثامن من يوليو الجاري: «هناك مصلحة كبرى لتركيا وللمنطقة وللعالم باقتناء هذه الصواريخ..»، وهنا يحاول أردوغان البحث عن زعامة قوية تجعل منه مصدراً رئيساً للقرارات السياسية في المنطقة، وهذا ما يُفهم من قوله: «العالم أكثر اتساعاً من الدول الخمس المتحكمة في القرارات الدولية»، ويقصد بها الأعضاء الدائمين في مجلس أمن الأمم المتحدة.

ويسعى أردوغان إلى استبدال المحور الأمني والسياسة الخارجية التركية بالانفتاح على روسيا بدل أمريكا، باعتبارها حسب رأيه، لم تعد حليفة استراتيجية في هذه المرحلة، ويريد بهذا التوجه قطع العلاقة التقليدية التي تربط بلاده مع الغرب أمنياً، وقيمياً، واقتصادياً أيضاً على مستوى أسواقه المالية.

ولكن هذه القرار ستكون تكلفته غالية وباهظة، فواشنطن حذرت، وتوعدت أنقرة بإعفاء الشركات العسكرية الصناعية التركية من برنامج صناعة طائرات «أف 35» (المقاتلات الأشباح الأمريكية) في طرازها الأخير.

وهذا ما حدث بالفعل، حيث تم إيقاف تدريبات الطيارين الأتراك على قيادة طراز«أف 35» في القواعد العسكرية الأمريكية، وحظر بيع قطاع الغيارات الأساس لصناعة هذه الطائرات، فضلاً عن تحضير قرارات تأديبية لها آثار وخيمة على الاقتصاد التركي، الذي يعيش اليوم صعوبات حقيقية.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


وتكمن تخوفات البنتاغون في كون الصواريخ S-400 المزودة برادارات قوية، ستكون لها القدرة على اختراق الأسرار التكنولوجية للطائرات الحربية المُطورة مؤخراً.

كل هذا، وأردوغان لم يعر أي اعتبار لهذه التحذيرات، وهو بصدد بناء موقف سياسي لا يحتمل أي مساومة، لذلك قرر إتمام صفقة اقتناء صواريخ «S-400».

أما بوتين ففضل أن يكون تاريخ تسليم تركيا هذه الصواريخ خلال الأيام يسبق ذكرى محاولة الانقلاب على أردوغان (15 يوليو 2016)، والقصد من ذلك تمرير رسالة سياسية إلى أمريكا مفادها: أن روسيا كانت أول الداعمين لأردوغان على خلاف الغرب وحلفائه التقليديين، هي الآن بصدد بناء محور تركي ــ روسي له أبعاد جيوــ استراتيجية واقتصادية بِرِهَانات سياسية جديدة في المنطقة.