حسن عبد الرحمن

استمر اعتماد أندية الكرة الإماراتية على الدعم الحكومي ردحاً من الزمن، توقع فيه الجميع أن تحلق تلك الأندية برؤى استثمارية جديدة منذ انطلاق عصر الاحتراف قبل عقد ونيف من أجل تطور كرة الإمارات وارتقائها.

ولكن تجري الرياح حالياً بما لا تشتهي السفن، إذ اقتصرت مبادرات الأندية على محاولات استثمارية خجولة، لتكتفي مجالس إدارات الأندية بالدعم الحكومي وبرامج رعاية قصيرة المدى لا تُغني ولا تسمن من جوع، إضافة لاستثمارات أخرى تمثلت في إنشاء مراكز تجارية ورياضية وصالات جيمانيزيوم للاستفادة من ريعها في تدعيم خزينة النادي.

ولم تجلب تلك المشاريع الكثير من المال لأن معظمها مؤجر لجهات أخرى تقوم بإدارته وفقاً لعقد إيجار مع النادي.

ويتصدر سؤال هنا.. متى تستوعب أنديتنا درس أن كرة القدم لعبة المال والتجارة وجلب المورد المالي عبر الاستثمار في المورد البشري بالأكاديميات أولاً ثم تأتي الاستثمارات الأخرى بإنشاء المراكز التجارية والمجمعات السكنية وغيرها؟

الجزيرة في الاتجاه الصحيح

حقق نادي الجزيرة قفزة عملاقة بتعاقده مع الخبير الاقتصادي الإنجليزي نيك بيندر مديراً تنفيذياً للشؤون التجارية، في محاولة للاستفادة من خبراته في مجموعة سيتي لكرة القدم، إذ عمل نائباً للرئيس لإدارة الشراكات في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا.

أخبار ذات صلة

«الشارقة الرياضي» يوقّع مذكرة تفاهم مع «الدفاع المدني»
فيفا يدعو طاقم الإمارات المونديالي لسيمنار حكام كأس العالم


ويهدف الجزيرة لاستنساخ نجاح المجموعة الفائق، الذي حول أهم أركانها مانشستر سيتي إلى نموذج متطور ضمن أفضل أندية العالم من حيث الإمكانات المادية والفكرية والرؤى المستقبلية للاستثمار.

ومن المنتظر أن تحقق التغييرات في الشأن التجاري لنادي الجزيرة نتائج سريعة لتوافر أرضية صلبة يمكن البناء عليها، فالجزيرة يمتلك أفضل أكاديمية لكرة القدم على مستوى الدولة، وفر لها أسباب التفوق والنجاح برفدها بأفضل الكوادر الفنية والإدارية التي عملت دوماً على صقل وتأهيل المواهب الكروية، وتخرج منها لاعبون مهمون يشكلون أعمدة المنتخب حالياً، إضافة إلى مشروع استثماري ضخم «سيتي سنتر نادي الجزيرة».

أفكار أخرى للاستثمار

طبق نادي الظفرة نموذجاً لافتاً بتحقيقه فائضاً من الأرباح بانتقال السنغالي ديوب لنادي شباب الأهلي دبي، والسوري عمر خريبين للهلال السعودي مقابل 27 مليون درهم، ويعكف فارس الظفرة حالياً على تأهيل عدد من المواهب الكروية بأكاديميته للاستثمار فيها مستقبلاً.

ويتميز نادي الوحدة بأكاديمية كرة القدم الرائدة والقوية التي رفدت كرة الإمارات بعدد من اللاعبين الأقوياء استثمر فيهم العنابي عبر أعوام عصر الاحتراف، كما أن للنادي عدداً من المشاريع الاستثمارية مثل مول الوحدة، وفنادق ميلينيوم وغيرها، وفي السياق نفسه، طرق نادي النصر أبواب الاستثمار أخيراً بعدة مشاريع ولحق به نادي الوصل ونادي الإمارات برأس الخيمة.

واقترح عدة خبراء في الفترة الأخيرة إيجاد أسباب أخرى تساعد الجماهير على زيارة الملعب، مثل منح الجوائز، أو إقامة فعاليات على هامش المباريات الكبرى، ولكنها اقتراحات لم تصل حد اللحظة إلى مرحلة التطبيق.

الاستثمار أساس الاحتراف

يرى الخبير الرياضي مستشار أكاديمية نادي الجزيرة عبدالحميد المستكي أن الاستثمار في كرة القدم أساس الاحتراف، أي أن تبيع الأندية منتجاتها من أداء فني قوي في المباريات يقنع الجماهير بأن في مدرجات دورينا تتوافر المتعة والقوة والإثارة بشكل يجعلها تحضر وتترك وسائل الترفيه الأخرى.

ويتطلب الاستثمار، وفقاً للمستكي، عملاً كبيراً هدفه الوحيد استعادة ما تصرفه على كرة القدم عبر العمل التجاري ومنه مبيعات الأندية من تذاكر وقمصان وشراء بطاقات لاعبين أجانب بأسعار أقل ثم بيعهم للأندية الأخرى داخلياً وخارجياً لاسترداد كل أو جل ما تنفقه على الفرق بالنادي.

وشدد الخبير الرياضي مبارك الكتبي على أهمية فتح الباب واسعاً للأفراد والمؤسسات للاستثمار في كرة الإمارات وامتلاك أندية بطموحات استثمارية عالية من أجل المنافسة قارياً ورفد المنتخب بالمواهب المجهزة احترافياً.

وأوضح «في نهاية الأمر أن النادي إماراتي حتى وإن امتلكه الأفراد والمؤسسات المحلية أو الدولية، هذا الأمر يساعدنا على تعليم الشباب الإماراتي فنون إدارة كرة القدم الحقيقية في عصر الاحتراف».

اختبار صعب

تدخل الأندية الإماراتية اختباراً صعباً في السنوات المقبلة، حيث ستكون مطالبة بالبحث عن مصادر دخل أخرى، تساعدها في الاعتماد على نفسها والعيش من دون الدعم الحكومي.

وتسري في الكواليس أنباء تتعلق بقرب إيقاف الدعم المجاني الحكومي للأندية، ومن المتوقع أن ترتبط المبالغ التي تحصل عليها الأندية بمعايير تميز رياضي تحققها، سواء من الناحية الإدارية أو التسويقية.

وعلى الرغم من صعوبة المهمة، فإن بعض الأندية تحاول، لكن من غير المتوقع أن تصل إلى حد الاكتفاء الذاتي والاستغناء عن الدعم الحكومي في عام أو عامين، لأنها تأخرت كثيراً في التحرك نحو الخطوة التي يقال إنها آتية لا محالة.

ولا تتحدث الكثير من الإدارات عن مشاريعها وأفكارها للتعامل مع تلك اللحظة، بل هناك من يحاول تأجيلها قدر الاستطاعة، لأن المدرجات قليلة الجماهير والأعمال الإدارية المترددة تمنع التفاؤل بهذا الشأن.