عمر عليمات

نجاح التجربة السودانية قد لا يرضي من كانت الفوضى شعارهم

أما وقد وُضعت أولى لبنات مسار مستقبل الدولة السودانية بعد توقيع اتفاق انتقال السلطة، فعلى السودانيين أن يدركوا أن ما مضى ليس إلا مخاضاً سياسياً وأن الأهم هو المقبل، فدائماً يكمن الشيطان في التفاصيل، خصوصاً تلك المتعلقة بهياكل الدولة في المراحل الانتقالية.

السودانيون أثبتوا أنهم قد يختلفون على كل شيء، ولكنهم متفقون على السودان، فتجربتهم في تجنيب بلادهم خطر الفوضى والانقسامات التي عصفت بالعديد من دول المنطقة، تجربة تؤكد أن الوطن كان القاسم المشترك في كافة تفاصيل المفاوضات التي دارت بين القوى المشاركة في الحوارات السياسية، لذا وصل الجميع إلى منتصف الطريق، ليلتقوا على أهمية مستقبل الدولة واستقرارها ونمائها.

وبرغم إيجابية التجربة السودانية، فإن وصولها إلى هذه النقطة قد لا يرضي من كانت الفوضى شعارهم وتفتّت الدول غايتهم، وهؤلاء أشد خطراً على السودان وتجربتها، وسيبقون متربصين دائماً، في انتظار أية فرصة تلوح، ليجندوا منابرهم الإعلامية للحديث عن هفوات هذا الطرف أو ذاك، بهدف إفشال ما تحقق والعودة بالسودان إلى الوراء.

السودانيون أثبتوا أنهم أهل سياسة وقدرة على ضبط الإيقاع وعدم انفلاته، إلا أن الاحتفال باتفاق انتقال السلطة يجب أن يكون بداية الطريق لدعم السودان دولة وشعباً، وتمكينه من تجاوز المرحلة الانتقالية والوصول إلى نظام يشمل كافة الأطياف الوطنية ويضمن عدم عودة بعض الجماعات «المؤدلجة» من شباك الفترة الانتقالية، ليضعوا نظاماً يخدمهم ويخدم أجنداتهم.

وهنا أذكّر بتجربة تونس وإصرار«الإخوان» أثناء الفترة الانتقالية على نظام يكون فيه رئيس الحكومة صاحب الثقل السياسي في السلطة، لقناعتهم بأنهم قادرون على اختراق البرلمان والتحكم فيمن يصل إلى رئاسة الحكومة أكثر من قدرتهم على التحكم في الانتخابات الرئاسية وتحديد الرئيس، ومن هذا الباب تمكنوا من التأثير بشكل أو بآخر في مستقبل العمل السياسي التونسي.

السودانيون فعلوا الصواب عندما اختاروا فترة انتقالية طويلة، لضمان عدم الوقوع في فخ العواطف السياسية و«سلق» نظام قد يكون الباب الخلفي الذي يريده البعض للوصول إلى السلطة، وعليهم اليوم حماية منجزهم والتوصل إلى دستور توافقي يضمن مشاركة كافة القوى الوطنية في العملية السياسية، ويجنّب البلاد أي محاولات من قبل بعض الجماعات للعودة ولو بوجه آخر.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟