د. محمد المعزوز

تشتغل روسيا بجدية على تصنيع جيل جديد من الصواريخ النووية

وقعت حادثة غريبة في شمال روسيا ارتبطت بمشروع الصواريخ النووية السرية، التي تسببت في مقتل خمسة مهندسين إشعاعيين، وبعد مرور خمسة أيام عن هذه الحادثة الواقعة في القاعدة العسكرية «أوفشور» الموجودة في قرية «نيونوكسا» البعيدة بألف ومائتين كيلومتر عن غرب موسكو، قدمت السلطات توضيحات غير مفهومة حول هذه الحادثة، والأخطار التي تسببها عدوى النشاط الإشعاعي.

لقد تم إخبار سكان القرية المجاورين للانفجار بإفراغ سكناهم لمدة ساعتين، وبعد يوم طلب منهم اللجوء إلى الغابة، بدون تقديم أي تفسير عن هذا التَّذبذب في العمليات الاحترازية ضد الأخطار المرتقبة.

وفي المدن المجاورة سارع السكان إلى الصيدليات لشراء أقراص «اليود الثابت» لحماية الغدة الدرقية، أما الأطباء الذين فحصوا المرضى فقد تمَّ نقلهم على وجه السرعة للخضوع لتحليلات وتوقيع التزامات سرية تجبرهم على كتمان أية معلومة تتعلق بالإصابات المحتملة.

إن غياب الشفافية في التعاطي مع هذه الحادثة، تسبب في استياء وطني عام، مما دفع بالكاتب «سفتلان ألكسييفيتش» الحاصل على جائزة نوبل للسلام إلى انتقاد تدبير الدولة لهذه الواقعة بقوله: «يظهر أننا لم نتعلم من دروس تشرنوبل وفوكوشيما، ولم نستفد من نتائج التعتيم التي كانت لها كلفة كارثية على حياة سكان المناطق التي عرفت تلك الانفجارات».

الموقف نفسه تردد بشكل أكثر حدة في شبكات التواصل الاجتماعي مع المطالبة بالكشف عن الحقيقة وإطلاع الرأي العام بها.

لكن الدولة الروسية تمنعت عن الخوض في تفاصيل هذه الحادثة حتى لا تنكشف أسرار تصنيع هذه الصواريخ، وبذلك جعلت من الغموض والتستر عن حقائق هذا الانفجار وسيلة للتمويه والتكتم عن مشروع الأسلحة الروسية الجديدة.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


من ناحية أخرى، كشف الملاحظون أن روسيا تشتغل بجدية في تصنيع جيل جديد من الصواريخ النووية يطلق عليها «طائر العاصفة» يتم تحميلها بمحرك نووي مصغر، حتى يكون الصاروخ مستقلاً قادراً على الطيران بنفسه وتجنب الأسلحة المضادة الأمريكية، وإن الناطق الرسمي للكرملين «ديميتري بسكوف» قد أنكر كل ما يتعلق بمشروع «طائر العاصفة».

وفي شهر مارس الماضي، قدم الرئيس فلاديمير بوتين ملخصاً لنتائج الأبحاث الخاصة بمستقبل الصواريخ الروسية، لتأكيده على أن أكبر تحد لبلاده يتمثل في كسب رهان تفوق التكنولوجية العسكرية الروسية، الذي بتحققه يمكن لروسيا أن تتصدر مراكز القوة بدل أمريكا والصين.

في المقابل، أعلن الرئيس دونالد ترامب في تغريدة له عبر التويتر أن بلاده تعرف خبايا تقنيات الصواريخ النووية الروسية، وأن لأمريكا صواريخ نووية أكثر تقدماً وفعالية.. فهل هذا التجاذب بين أمريكا وروسيا في موضوع السبق والتفوق في تصنيع الصواريخ النووية يعني أن إشكالية سباق التسلح لن تحسم بالتفوق السياسي والاقتصادي، بقدر ما تحسم بالقدرة على التفوق إبداعياً في مجال الذكاء الاصطناعي؟