د. أسامة أحمد المصطفى

ارتقاء الشعب السوداني بفكره وفلسفته الثورية يجب أن يقابل بارتقاء من السياسيين

تبنى حضارات الأمم والشعوب على قدر عطاءات أبنائها عقلياً وفكرياً في المقام الأول، ثم علمياً وعملياً في المقام الثاني، والشعب السوداني الذي قاد مسيرته الثورية بعكس الرياح نحج إلى حد بعيد، ومع أنه قابل هجوماً عنيفاً من المنتفعين الذين حاولوا عرقلة ثورته، التي جاءت لتنقب عن الفضيلة في مضمونها وإطارها الصحيح متمثلةً في الحرية والسلام والاستقرار والتنمية والتقدم.

نعم نجحت في محتواها المعنوي الباحث عن القيم الحقيقية في جوهرها، متبعة طريقة بدت غريبة إلى حد كبير بفرض السلمية في كل إطارها، ليشعل وقود الحقيقة الكامنة خلف القيمة في نفوس الشباب والشعب ولإثراء المشهد السوداني، فكانت طريقة مثلى اتبعها بإتقان وصولاً إلى الحقائق وبلورة الأمور في ثورية منقطعة النظير.

لم يترك لنا هذا الشعب المعلم كلمة واحدة بأسلوبه البارع للتعبير عن حقه وانتزاعه بقوة السلم، لم يترك مجالا إلا للانبهار، الذي يناط به إعمال الوظيفة السياسية والأخلاقية، لكي تتبوأ مكانتها في الحاضر والمستقبل (بالمدنية)، وأن تبث رسالتها الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية على الملأ.

وعلى أن يتزين ذلك بإنشاء خطاب يستطيع أن يكون من الناحية الدستورية الحكم الفصل بين جميع الخطابات المتنافرة، التي يتبادلها بعض من أبناء الوطن، خطاب مؤسس على العقل أو على الفكر، والوسيلة إلى إنشاء هذا الخطاب هي الحوار الذي يحيل التناقض بين المتحاورين إلى تقارب وانسجام، ينفض الغبار عن حقيقة واحد هي أنهم شعب واحد يرجو العيش في نعيم بلاده الغنية.

لقد أصبح من الضرورة نبذ خطل الرأي الذي ينبع من الانقياد للمصلحة الخاصة والنفع الشخصي، ومن الانغماس في الفئوية، فارتقاء هذا الشعب الباسل بفكره وفلسفته الثورية السلمية التي حققت الاتفاق، يجب أن يقابل بارتقاء من السياسيين نخباً كانوا أو حركات سياسية أو مسلحة.

فالشعب والثورة والحركات السياسية والفكرية والعسكرية، جميعهم مناط بها الاندماج في المسائل الأعمق والأبعد كالاستراتيجيات التي يجب أن تستخدم في معالجة الإخفاقات التي تسببت سلفاً في دهورة البلاد، وظلم شعب تميز بوعيه الفائق بالكيفية التي يجب النظر بها إلى نيل حقوقه، وقد كان مدركاً لمجاله وطموحاته بدقة معرفية، وباستخدام منهج محدد من ابتكار لثورة نوعية، ويبقى السؤال القائم: هل يرتقي كل من السياسيين والنخب والحركات السياسية والمسلحة إلى مستوى ارتقاء الشعب والشباب ونهج ثورتهم والعمل بنكران ذات من أجل نهضة البلاد؟

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟