محمد زاهد غول

بعد ستة أشهر من اندلاع الثورة السورية في مارس 2011 أعلنت الحكومة التركية برئاسة أردوغان فقدانها للثقة بالرئيس السوري بشار الأسد، وتضاعف فقدانها للثقة به حتى أعلنت رفضها أن يكون طرفاً بأي حل سياسي مقبل في سوريا، واعتبرت في بعض المراحل من عام 2012 أن أيامه معدودة في الحكم، ولكن الاستراتيجية الأمريكية لمستقبل سوريا استطاعت أن تبدد هذه الطموحات التركية، فأمريكا منحت روسيا التصرف بالملف السوري منذ سبتمبر 2011، ومنحت إيران إرسال ميليشياتها إلى سوريا منذ يونيو 2012 لتغيير معادلة الحرب على الأرض، وأمسكت بالحل السياسي في جنيف (1) لإفشال كل المساعي العربية والتركية لتغير الوضع السياسي في سوريا.

لقد أدركت تركيا أن الاستراتيجية الأمريكية هي تقسيم سوريا كلياً أو فيدرالياً، وأن أخطر ما فيها هو إنشاء كيان انفصالي شمال سوريا تمنح فيه أمريكا أبناء الأقلية القومية الكردية وطناً قومياً على حساب الدولة والنظام والشعب السوري العربي، هذه المعطيات جعلت تركيا تتراجع كثيراً عن عواطفها وآمالها وطموحاتها لمستقبل سوريا، وأخذت ترسم سياستها على أساس المصالح التركية القومية والأمنية والعسكرية، بإصرارها على إنشاء المنطقة الآمنة أولاً، وضرورة تغيير موقفها من حكومة الأسد، سواء بضغوط روسية أو إيرانية أو غيرها، فالمصلحة التركية الأولى منع إقامة الوطن القومي المدعوم أمريكياً باسم أكراد شمال سوريا، وهذا قد يتطلب التعاون الكامل مع حكومة الأسد.

هذه التوجهات التركية تدعو لها وتقودها حالياً بعض أحزاب المعارضة، وما هو معروف أن المباحثات السرية بين المخابرات التركية والأسدية مستمرة لأسباب أمنية محضة منذ سنوات، ودعوات حكومة الأسد لزعماء أحزاب المعارضة التركية متوالية، وكان آخرها دعوة رئيس حزب «الوطن» التركي المعارض دوغو برينتشيك، الذي تلقى دعوة منه في سبتمبر المقبل، وهو حزب مقرب من حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان، ويدعو علانية إلى مشاركة بشار الأسد في دعوته لبناء محور تركي سوري للقضاء على «داعش»، وإنهاء تواجد الوحدات الكردية (امتداد حزب العمال الكردستاني) في الشمال السوري.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟

وقال دوغو برينتشيك في تصريح قبل أيام: «سنحمل إلى دمشق خطة لحل الأزمة القائمة منذ سنوات، ومقترحنا يتمثل في إلقاء المعارضة للسلاح، وإصدار حكومة دمشق عفواً عاماً يشمل الجميع»، مشيراً إلى أن خطته لاقت قبولاً مبدئياً من كل من النظام السوري وروسيا وإيران، فهل تقدم الحكومة التركية على الموافقة عليها بحجة الاتفاق على منطقة آمنة؟