خلود الفلاح

يعد كاريكاتير الزواوي فن توثيق التفاصيل من خلال حدث ليبي يومي

لا يمكن الحديث عن فن الكاريكاتير في ليبيا بدون المرور بتجربة الفنان الليبي الراحل محمد الزواوي (1936 ـ 2011)، الذي جسد بريشته أحداثاً سياسية واجتماعية واقتصادية أصابت الهدف وحققت النجاح، وإن كان الحدث الاجتماعي ظل الأهم والأبرز في تجربة الزواوي، فكانت رسوماته الاجتماعية الساخرة تناولت أشكال التخلف والجهل وقمع المرأة والفروق الاجتماعية والفساد والتبذير، وبحسب الناقد غسان الإمام، يمتلك الزواوي قدرة فنية عالية في إتقان تفاصيل لا يملكها رسام عربي آخر.

الزواوي، وطيلة خمسين عاماً تقريباً، امتلك موهبة وقدرة كبيرة على تجسيد أفكاره الساخرة، بالرسم الواقعي، مركزاً على أدق التفاصيل والجزئيات، حيث يلجأ أحياناً إلى حشد اللوحة بالشخوص والأشياء الأخرى المكملة للوحته.

وفي حوار نادر اعترف الزواوي: «ولدت ميولي نحو الكاريكاتير في عمر مبكر، فقد كنت أسكن في نجع بدوي، وكان بجوارنا وادٍ اسمه «وادي القطارة»، وكانت يومياتي تبدأ في ظل هذا الجو أرعى البقر صباحاً وأقطف الزهور وأوراق العنب وأحولها إلى ألوان على الصخور، وبعد الغروب أفاجأ بأن البقر الذي كنت مكلفاً بحراسته قد غادر المكان، حتى دخلت المدرسة، وفي المدرسة فشلت في جميع الدروس إلا مادة الرسم، وبعد سنوات تركت الدراسة بسبب ظروفي العائلية لأعمل رساماً في شركة أمريكية.

وكان كاريكاتير الزواوي هو فن توثيق التفاصيل من خلال حدث ليبي يومي يشعر المتلقي وكأنه أمام مشهد درامي لحكاية قد مر بها مع أحد معارفه في الشارع أو داخل مصلحة حكومية.

وبناء على ذلك، هل يمكن اعتبار لوحات فنان الكاريكاتير الليبي الراحل محمد الزواوي ـ نشرت في ثلاث مجلدات (الوجه الآخر، أنتم، نواقيس) ـ التي تناولت الواقع الليبي تأريخاً وتوثيقاً للأحداث والتغييرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية).

يقول الأديب مكسيم غوركي «فن الكاريكاتير ذو قيمة اجتماعية نافعة، إذ يعكس أشياء مختلفة غير منظورة بوضوح لنا، وبأسلوب بسيط؛ يعكس لنا وجوهاً وملابس وأنماطاً جديدة معينة لتصرفات أناس يعيشون بيننا». فهل بهذا الوصف تعد لوحات الراحل محمد الزواوي تأريخاً وتوثيقاً لانعكاسات المجتمع؟ في سبعينات القرن المنصرم كانت للزواوي أعمال رائعة في مجال القصة المصورة، ففي مجلة الأمل للأطفال قدم مسلسل «البطل الصغير» وهو عبارة عن قصة فتى ليبي صغير يحمل رسالة لعمر المختار ويتعرض في طريقه لمخاطر قمع الجند الإيطالي، والمسلسل الضاحك «بضربة واحدة قتل سبعة».

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟