د. علي بن حمد الخشيبان

هل يمتلك الغرب وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية أدواتٍ لمقاومة تمدد جمهورية الصين، التي أصبحت جزءاً من معادلة عالمية حتمية يصعب تجاوزها؟

إن الصين دولة تمتعت باقتصاد قوي خلال العقود الثلاثة الماضية، وتغلغلت أذرع تجارتها في العالم بشكل لافت للنظر، وسيطرت على مواقع كثيرة، وهذا ما أسهم بشكل فعلي في تهديد تربع الغرب على عرش التجارة الدولية.

كما أن الصين والغرب، وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية، في تنافس سياسي وتجاري محتدم، يبرز في قوالب مناوشات في كثير من الأحيان.

وفي منطقة الشرق الأوسط أيضاً تقترب المسافة بين واشنطن وبكين إلى شكل من الاختلاف العميق في مواقع مهمة، ومع تقارب الخيارات السياسية والاقتصادية بين الدولتين، تتشكل العلاقة بينهما في حرب تجارية، وفرصة الوصول إلى اتفاق حول تسوية مسائل دولية وتجارية تتقلص إلى درجة كبيرة.

قد تصل خيارات الولايات المتحدة الأمريكية والصين الشعبية في الشرق الأوسط إلى عقد اتفاق تاريخي بينهما حول المنطقة، لكن هذا الخيار بتفكير بسيط معرض للنقد، فلن يثق التنين الصيني كما يبدو في النسر الأمريكي، فالصين تدرك أن الخبرة الأمريكية في الشرق الأوسط تتفوق على خبرتها ومعرفتها بالمنطقة، ولذلك سوف يكون الصراع الأبرز لخطوط التماس بينهما صراعاً على الحلفاء في الشرق الأوسط.

إن دول الشرق الأوسط بما فيها دول الخليج، ولأول مرة في تاريخها بعد الحروب العالمية التي مكّنت الغرب من التعمق في المنطقة، والتأثير المباشر على تكويناتها السياسية والاستراتيجية، سوف تجد نفسها تحت ضغطِ خيارات لتشكيل القطب الأهم في العالم، ولذلك فإن التجربة الغربية في المنطقة سوف تكون هي المحك الرئيس للخيارات الاستراتيجية لدول الشرق الأوسط.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


إن الولايات المتحدة الأمريكية ليس أمامها أيُّ خيارات سوى تقوية وجودها في الشرق الأوسط من جديد، ولكن هذا الأمر في غاية الصعوبة في ظل الاتجاه الحديث الذي تنمو فيه ظاهرة الصراع السياسي بين الأحزاب الأمريكية، التي تضاعفت بينها درجة التنافس والعداء إلى مستويات غير مسبوقة، إضافة إلى ذلك الاختبار الرئيس الذي تخوضه أمريكا في الخليج العربي، فحسم هذه القضية سوف يحدد كيفية تنفس الرئة الصينية في الشرق الأوسط، وكمية الأكسجين التي ستحصل عليها، لكن يبدو واضحاً وجلياً أن التنين الصيني الذي ينفث دخان ناره بهدوء في المنطقة، سوف يُلهب ويلوح بأدواته وبقوة للحصول على مكتسبات سياسية واقتصادية تضمن له التمدد في كل الاتجاهات.