د. أسامة أحمد المصطفى

بعد تعيين رئيس للوزراء في السودان بات التفاؤل قاب قوسين أو أدنى من أن يكون هو سيد الموقف في المشهد السياسي، وكان الأمل معقوداً على التشكيل الوزاري لانفراج واعد بخيرات تستمد من موارد البلاد الطبيعية، بتفعيل دور الكفاءات المناط بها قيادة وزارات الدولة الجديدة، ولكن ثمة احتقان يجعل المرء في حيرة، وفي حالة دهشة وذهول واستغراب من المشاهد.

حيرة قد تجعل الشعب المظلوم يقول ما لا يريد، وتجعله يتمنى ما لا يريد، فهل يعي كل من يهمه الأمر خطورة نتائج الاحتقان الذي يترعرع في نفوس الناس، جراء الدربكة التي تسود مشهد الحرية والتغيير فيما يتعلق بتقديم ترشيحات للوزراء؟

لا يعقل أن يقف الجميع في أمر التشكيل الوزاري كحمار العجوز الذي وقف في العقبة، فإن أحد أكبر الأخطاء التي سيرتكبها أولئك الموجودون حالياً في قيادة الدولة، سيكون اختيار الوزراء بناء على ترشيحات تستند على معرفة محدودة بفئات معينة من الكوادر المؤهلة من السودانيين المنتشرين في هذا العالم، فمن المفترض أن عجلة قطار الديمقراطية تحركت بالمرحلة الجديدة من السودان.

وعليه فإن العملية الاختيارية بنظرية الكفاءة وإبراز ماهية الكفاءة التي يتمتع بها الفرد لا بنظرية الترشيحات، فالمرحلة الانتقالية الحالية هي الوسيلة المجتمعية السليمة للبدء في ممارسة الديمقراطية، وأي أمر غير ذلك سيكرس الاحتقان.

ولضمان السلام والاستقرار، وجب الحرص على تشكيل حكومة تكنوقراط حقيقية، وذلك يتطلب تغيير نمطية الفكر السياسي السوداني.

يا أهل السودان احذروا الاحتقان، وانكروا الذات من أجل الوطن، فما شوهد في مدينة الفاشر الأسبوع المنصرم يعتبر نواة لذلك، وإن غياب الذوق العام والوعي لدى النخب بدورهم الحقيقي ظلم يسبب كوارث على حقوق الإنسان، وغياب فصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية هو غيـاب الرأي والرأي الآخـر.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


فليس مهماً بعد ذلك من يكون الحاكم ومن يكون المحكوم، فإذا صفت النيات وكان هدف الجميع هو خدمة المواطن السوداني ومستقبل البلاد، فإن الاختلاف حول من المسؤول الذي يدير أمور الوطن بكل اقتدار وعدل وأمانة غير محمود.

إن من يريد أن يكون خادماً للشعب يجعله مستمتعاً بثقته فيه، ومتفرغاً للقيام برسالة وطنية أخرى تكون لبنة أخرى من لبنات بناء الدولة السودانية الجديدة ومستقبلها، وأذكّر يا أهل السودان احذروا الاحتقان.