فينيامين بوبوف

ترتبط الأزمة الحادة الراهنة حول إيران بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية الجماعية حول البرنامج النووي الإيراني، والتي تم التوصل إليها عام 2015، واتضح بعد ذلك للسياسيين الروس أن هذه الاتفاقية يمكن أن تُعتبر مثالاً يصلح لحل العديد من الأزمات والخلافات عن طريق الحلول الوسطى، والاحتكام لنصوص ومبادئ القانون الدولي، إلا أن ذلك لم يتحقق.

ويمكن القول بكل أسف إن القوى الغربية كانت تخلق في الكثير من الحالات الصراعات الجديدة بسبب سلوكياتها ثم تسارع لإلقاء اللوم بحماسة زائدة على موسكو لتبرير أفعالها وخطاياها القاتلة، ثم يحاول الغرب بعد ذلك التعاون مع الروس للبحث عن الحلول المقبولة لتلك المشاكل.

وضمان أمن منطقة الخليج ذات الأهمية الاستراتيجية هو واحد من التحديات الإقليمية الرئيسة في وقتنا الراهن، والكل يعلم أن الصدمات العسكرية والسياسية هي التي كانت تفجّر النشاطات الإرهابية خلال السنوات الأخيرة في هذه المنطقة الغارقة بثرواتها من النفط والغاز، والتي تعاني الآن من التداعيات الكارثية لتراجع نظام العلاقات الدولية والاقتصاد العالمي وأمن الطاقة.

وخلال العقود الماضية، كان التوتر في منطقة الخليج متواصلاً، وأدى إلى نتائج سلبية على أمن واستقرار واقتصاد المنطقة والعالم، وأضيفت إلى الأحداث الماضية بؤر توتر جديدة، وظهرت مراكز نشيطة للشبكات الإرهابية العابرة للحدود قريباً من المنطقة.

وتعتقد روسيا أن فكرة تأسيس نظام أمني في منطقة الخليج أصبحت مهمة أساسية من أجل توحيد الجهود السياسية والدبلوماسية في المنطقة، وهو يشتمل على برنامج طويل الأمد من الجهود التي تهدف إلى تطبيع الأوضاع، وتكريس الاستقرار والأمن، وحل الصراعات والنزاعات، ووضع الخطط والمعايير لضبط الأوضاع بعد انتهاء الأزمة، ويأتي هذا الاقتراح متطابقاً مع مبادئ تم الإعلان عنها في عقد التسعينات، وجرى تعديلها وتطويرها عامي 2004 و2007.

والمفهوم الروسي المذكور مبني على مبدأ إدماج كل القوى في المنطقة ضمن تحالف واحد مضاد للإرهاب والتأكد من الامتثال للقانون الدولي، ويجب أن يكون النظام الأمني عالمي الطابع، بمعنى أن يؤكد على مشاركة جميع الأطراف المعنيّة بحيث يتم تطبيق بنوده على مراحل متتابعة.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


وكثيراً ما كان الروس يكررون اقتراحهم الذي يفيد بأنه ينبغي على كل الأطراف المعنيّة أن تلتقي على طاولة الحوار، وخلف الأبواب المغلقة في بداية الأمر، وربما يحدث هذا على أراضي الاتحاد الروسي.

وأفكار روسيا حول الحوار بين العرب وإيران من أجل إعادة بناء الثقة والشفافية فيما يتعلق بالنشاطات العسكرية، تهدف إلى التحضير للمفاوضات حول تأسيس نظام الأمن الجماعي في هذه المنطقة من العالم، وبمشاركة الدول العربية وإيران وبدعم من المجتمع الدولي بما في ذلك الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.

وتنطلق روسيا في هذا المجال من حقيقة تفيد بأن كل النزاعات يمكن حلها بشكل تام بالوسائل السلمية عبر الحوار الشامل المبني على أساس مبادئ ونصوص القانون الدولي.