مصطفى طوسه

تواجه دول الاتحاد الأوروبي احدى أعقد وأصعب التحديات التي تهدد الأمن العالمي منذ عقود، ممثلا في الكمين الإيراني بكل تجلياته.

فمنذ ان انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، نصبت أوروبا نفسها محامية عنيدة لأجل الإبقاء على هذا الاتفاق حيا، انطلاقا من قناعة من الفراغ السياسي والأمني، الذي قد ينتج عن عملية تمزيقه أخطر بكثير من محاولة انقاذه عبر الالتفاف على العقوبات الخانقة التي تفرضها الإدارة الامريكية عل الاقتصاد الإيراني، ومن تم اقتراح ألية" تهدف الى إرساء نظام مقايضة تخفف ألام الضغوط الأمريكية على إيران، وتلا ذلك الخطة الائتمانية التي اقترحتها فرنسا في إطار وساطتها السياسية بين طهران وواشنطن بقيمة خمسة عشر مليار يورو، كخطوة أولى لتنفيس الضغط على الاقتصاد الإيراني.

ولم تلق هذه الخطوات ترحيبا لا من الجانب الأمريكي، الذي يعتبرها هدية للنظام الإيراني عبر تمكنه من الحصول على سيولة كثيفة دون أن يقدم التعهدات اللازمة في إطار اتفاق جديد، يهدف الى وضع البرنامج الباليستي الإيراني تحت المراقبة الدولية ويقلص من خطورة الأنشطة العدوانية الإيرانية في للمنطقة.

كما أن هذه الخطوات لم تعجب الجانب الإيراني، الذي يعتبرها غير كافية لإخراج النظام الإيراني من عنق الزجاجة، وتبقيه محروما من أدوات التأثير والنفوذ لتمويل سياسة الهيمنة على المنطقة التي تتخذها طهران عقيدة استراتيجية.

ويحمل الإيرانيون دول الاتحاد الاوروبي مسؤولية عدم القدرة على ايجاد حل للالتفاف على العقوبات الأمريكية، وكان جواب القيادة الإيرانية عبر مستويين، الأول: إعلان تراجعها عن الالتزامات الموقعة في فيينا بخصوص نسبة تخصيب الأورانيوم، والثاني: تنشيط وكلائها في المنطقة وجعلهم يصعدون تحركاتهم لممارسة ضغوط أمنية على دول الجوار، ووكلاء طهران في المنطقة ـ التي تعتبر امتداداتها الأمنية وأذرعها المسلحة حتى الساعة، ثلاث منظمات مسلحة، هي: الحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان، والحوثي في اليمن.

وبعد الهجوم على منشآت أرامكو السعودية والأصداء الدولية القوية التي خلفها تتساءل دول الاتحاد الأوروبي عن نجاعة المقاربة آلتي تبنتها حتى الساعة لنزع فتيل المواجهة والانفجار الشامل في المنطقة، خصوصا وأن ايران دخلت في منطق ممارسة ابتزاز دولي عبر تهديد الملاحة البحرية، والهجوم مباشرة أو عبر الوكيل الحوثي على منشئات امداد النفط العالمي.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟