هادي حداد

نهار الجمعة الفائت أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن فرض عقوبات جديدة على طهران تستهدف النظام المصرفي الإيراني، مؤكداً أنها «العقوبات الأقسى على الإطلاق ضد دولة ما».

يعني لنا وللعالم من حولنا أن نتساءل «هل هذا هو رد الفعل الأقسى والأقصى الذي يمكن للرئيس الأمريكي صاحب القوة الإمبراطورية الضاربة اتخاذه تجاه إيران، تلك التي وجه ملاليها صواريخهم ومسيَّراتهم إلى الشقيقة السعودية، في اعتداء غير مسبوق على أحد الأهداف المعرفة ضمن الاستراتيجيات الدولية بأنها تقع ضمن خارطة المخاطر الجيوسياسية العالمية، وهل يكفي الرئيس الأمريكي أن يفاخر ويجاهر بأن بلاده تمتلك أكبر قوة عسكرية في العالم، وأنها جاهزة ومستعدة على الدوام ؟".

الشاهد أن ما جرى في المملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي أمر يتجاوز الاعتداءات الإيرانية السابقة، ويبعث برسائل إلى إدارة ترامب، وإلى المجتمع الدولي، رسائل مفادها أن التهور الاستراتيجي الإيراني أضحى هو ديدن التوجهات الإيرانية، وأن الخيار شمشون ربما هو الأقرب إليها من أي خيار آخر.

خلال عام مضى فرضت واشنطن عقوبات اقتصادية قاسية على إيران، واقتربت من المرشد الأعلى نفسه، غير أن إيران وعوضاً عن أن ترتدع نراها تمضي في اتجاه تصعيد أكثر شراسة، وكأنها تقول "إن عقوباتكم غير خلاقة، لا فائدة منها، ولا طائل من ورائها، وإنها لن تمنعنا من المضي قدماً في سيناريوهاتنا الظلامية في المنطقة وحول العالم".

ليس سراً أن إيران قد رتبت أوراقها المالية جيداً خلال الأعوام الأربعة الماضية، أي منذ اتفاق 2015 سيئ السمعة، واستفادت إلى أقصى حد ومد من الأموال التي تم الإفراج عنها، والتي كانت مجمدة في أمريكا، ناهيك عن مردودات بيع النفط، هذا من جهة.

وهناك على الجانب الآخر طرق التفافية تستطيع إيران من خلالها تحصيل مداخيل مالية، فالعراق يعد خلفية لوجستية لها ولنفطها ولبضائعها، وسوريا بنفس القدر يمكن من خلالها توفير العملة الصعبة لإيران، ناهيك عن بقية الأذرع الميليشياوية سواء في اليمن أو لبنان، وهناك أطراف ووكلاء على الجانب الآخر من الكرة الأرضية، وتحديداً في أمريكا اللاتينية يقومون بغسل الأموال، وتهريب البشر والمخدرات، والعائد والمردود يجد طريقه بصورة أو بأخرى إلى الداخل الإيراني.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


لن تجدي عقوبات الرئيس ترامب، فالإيرانيون ليسوا بحاجة إلى أموال، وإلا كانوا قد قبلوا العرض الفرنسي والذي يوفر لهم قرابة الـ15 مليار دولار مقابل الحفاظ على الاتفاق النووي.

إيران لها هدف واحد هو بسط سيطرتها على منطقة الخليج العربي، ليس هذا فحسب بل ومحاولة تهديد الشرق الأوسط برمته، وعلى غير المصدق أن يستمع إلى تصريحات «رحيم صفوي»، مستشار المرشد الأعلى خامنئي والتي أشار فيها إلى أن رد إيران على أي عدوان أمريكي سيكون من البحر الأبيض المتوسط وحتى المحيط الهندي.

لن تصلح أبداً عقلية العقوبات الاقتصادية في التعاطي مع إيران، ذلك أنه وبجانب ما تقدم فإن هناك دعماً خلفياً من وراء الكواليس تقوم به روسيا والصين، ولو ضمن حدود بعينها بغرض المكايدة السياسية لواشنطن، أدوار ربما تسهل للإيرانيين تهريب وتسريب نفطهم بصورة أو بأخرى.

يتفهم المرء أن الرئيس ترامب لا يود الدخول في مستنقع الحرب مع إيران وهو على عتبات انتخابات رئاسية جديدة، غير أن ما لا ينبغي أن يضيع عن ناظره هو أن إيران هي التي سوف ترغمه على هذه الحرب.

الخلاصة .. طرح القضايا المصيرية يبدأ من الذات وليس من الآخرين.