د. علي بن حمد الخشيبان

خلال أربعة عقود مضت استخدم النظام الإيراني المنطقة العمياء لتنفيذ كثير عملياته الإرهابية وهجوماته ضد دول المنطقة والجوار، ولعلّ ما يميز العمل في هذه المنطقة، محاولة التضليل عن الحقائق وجعلها غير قابلة للإثبات ضد من يرتكبها، من خلال عمليات استخباريتة و استخدام وكلاء لتنفيذ هجومات مباشرة على الأهداف التي ترغب إيران الوصول إليها.

إنه من المؤكد أن طهران تدرك مخاطر الحروب التقليدية المعتمدة على المواجهة بين الجيوش، لذلك تتحاشى الدخول إلى منطقة المواجهه المباشرة مع أي طرف معادٍ لها، وهذا ما بنيت عليه الاستراتيجية الإيرنية بعد حرب الثمان سنوات مع العراق، وهو ما تعكسه تصريحات المسؤولين الأكثر تأثيرا في النظام الإيراني (المرشد وجواد ظريف وروحاني).

إنّ السؤال المهم هنا: إلى أي مدى يمكن لإيران أن تستمر في ممارسة السير واللعب في المنطقة العمياء في محاولة لإخفاء جرائمها التي ترتكبها ضد جيرانها من دول المنطقة؟..، وهنا اعتقد أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية والخليجية تدرك هذا الجانب، والتي يبدو أيضا أنه مع تكاثر العمليات الإيرانية، فهناك استيعاب تدريجي من دول المنطقة للكيفية التي تدير بها إيران عملياتها، من استراتيجيتها التوسعية نحو بناء نماذج طائفية موالية، يمكن استخدامها كأذرع على شكل أحزاب سياسية، أو مجموعات عسكرية، أو حتى قوى ناعمة تدعم النظام الإيراني من خلال الاستثمار في الأبعاد العقائدية والطائفية.

إنّ التعامل مع هذا النوع من الاستراتيجيات ليس بعملية سهلة فهو أمر مقعد، فالأعمال في المناطق العمياء السياسية، يمكنها أن تسبب أكثر الحوادث شناعةً، كما يمكنها أن تكون مصدر ازعاج دائم يصعب السيطرة عليه بدقة، وهذا النوع من الأعمال في المناطق العمياء يصعب اثبات المتسبب الرئيس فيه، أين يجب توفر مهارات عالية في الرد، كونها يمكن أن تُعشعش لعمر طويل، إذا ما حافظت على موقعها السياسي الخفي.

والعلاج المماثل هو أحد الحلول الممكنة للرد على منتجات المنطقة العمياء القادمة من إيران، من خلال تركيب عاكسات على المُركبات السياسية للدول التي تستهدفها إيران، بمعنى دقيق الوصول إلى العمق الإيراني، أولا من خلال: تعزيز الموقف الدولي لتكريس العقوبات الاقتصادية ومضاعفتها، وثانيا: استثمار الانهيار الاقتصادي في الداخل الإيراني عبر الاستهداف بممارسات مماثلة، وهذا سوف يؤدي حتما إلى إرباك محركات المنطقة العمياء في المسار الإيراني.


أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟