صالح البيضاني

تتربع قناة «الجزيرة» اليوم على قمة التضليل الإعلامي والسقوط المهني، بعد أن تحولت إلى أداة لنشر الفوضى وتزييف الحقائق وخداع الوعي الجمعي للمشاهدين العرب، الذين أدرك قسم كبير منهم أنه أمام وسيلة للدعاية والحرب وتأجيج الشعوب، وليس وسيلة إعلامية تنقل ما يحدث على الأرض بقدر ما تسعى لصنع الأحداث واختلاقها من العدم.

ولا ينحصر هذا الوصف على هذه القناة فحسب، بل على الإعلام المزيف الذي تتجلى فيه المقولة الشائعة «إذا كنت في حفرة فلا تواصل الحفر»، لكن ما حدث في الأيام الماضية يؤكد أن الاعلام المأجور والمُسيس لم يكتف بوصوله إلى القاع بل واصل الحفر نحو المزيد من الانحدار المهني، الذي لم يسبق له مثل في تاريخ الإعلام في العالم.

بدأت وسائل الإعلام رحلة الانحدار تلك نحو القاع السحيق، فيما يتعلق بالملف المصري تحديدا، من خلال اقتناص مقاول فاسد وممثل فاشل تم تحويله إلى محور لجذب الانتباه الشعبي، ومن ثم تصدير خطاب غث طغى على كافة وسائل الإعلام المأجورة، وهي تحوّل بذاءات المقاول وشتائمه وسطحيته السياسية إلى مادة إعلامية، بل تجاوز الأمر ذلك إلى محاولة تحويل الكومة المكثفة من الانحطاط الأخلاقي إلى أيقونة شعبية بهدف تمرير مشروع جديد لنشر الفوضى في مصر.

في مساء السبت 21 سبتمبر وعلى مدار ساعات، وفي وقت متزامن يبدو أنه مرتب له سلفا، ضخت القنوات القطرية والتركية وتلك الدائرة في فلكهما عشرات المقاطع المفبركة، التي حاولت اختلاق ما يمكن وصفها بثورة افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، واستثمرت في ذلك صورا قديمة واحتفالات لجماهير النادي الأهلي بمناسبة فوزه بكأس السوبر وسعت لتصويرها على أنها حراك شعبي جاء استجابة لنداء «المقاول» !.

ولم تكن خطة اسقاط مصر التي رسمها الإعلام في تلك الليلة العصيبة تلقائية كما يعتقد البعض، أو كما تم تصويرها، حيث سبقها نسج العشرات من القصص التي لا تدعمها أي وثائق أو شواهد حقيقية على لسان المقاول المزعوم بهدف شحن الشارع المصري.

وترادفت حالة السعار الإعلامي مع تحرك خلايا الإخوان على الأرض وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، كما تم الاستعانة بوجوه قديمة توارت عن الأنظار بعد أن أطاح الشعب المصري بأحلامها، لتُطل مجددا على الشاشات الصفراء، وتبدأ التنظير للثورة المزيفة التي لم تصمد أمام مقاطع مجانية التقطتها هواتف مواطنين مصريين وعرب من شوارع القاهرة وميدان التحرير.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟