د. أسامة أحمد المصطفى

أن الثابت الذي لا جدل فيه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، هو محاولات قياس الواقع الدولي وتحليله للوصول إلى المعرفة من قبل القائمين على أمر الدبلوماسية في البلدان لتجسيرالعلاقات، وفي هذا الإطار، فمن ثمرات ما أنتجته الثورة السودانية والتوقيع على الإتفاق الدستوري وتكوين الحكومة الإنتقالية، هي مشاركة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك في جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

إن جدية هذا الاتفاق الاستراتيجي الضمني وما يتبعه من ميثاق وطني، وارتكازهما على شعبتي العلم وأولوية مصالح البلاد، مع وجود الممارسة السياسية الرشيدة التي تقود إلـى تحقيق تخطيط استراتيجي متقن يقود لإكمال معادلة التعاون الإيجابـي مع العالم هذا ما تقتضيه المرحلة.

لأن تحقيق المصالح الاستراتيجية العادلة للدولة السودانية الجديدة، تتوقف على مدى وجود تخطيط استراتيجي متقن مع إدارة المصالح مع العالـم عبر خطاب منفتح، لإيجاد صيغة تجمع بين كل من الموارد الطبيعية الهائلة والموقع الجغرافي المميز والتقنية المتقدمة ورؤوس الأموال الأجنبية والحصص الاستراتيجية في الأسواق العالمية.

لا شك من أن إغتنام هذه الفرصة التي يجتمع فيها زعماء العالم، تتطلب دايناميكية وماكوكية في الحركة من عبد الله حمدوك، ووزيرة الخارجية، أسماء عبد الله، فإن جازهذا الإغتنام فسيؤدي ذلك إلى تحليق كل الأجنحة المتوافقة في اتجاه السودان، وهذا سيكون صمام الأمان للبلاد بمنظور جديد واستراتيجي بعيد المدى.

إن الفرصة متاحة حاليا للوفد السوداني للحديث عن الالتزام بالسلام والإصلاح السياسي وعن الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وحقوق الإنسان، فالتطورات الدولية اصبحت تتطلب إثبات ذلك للحصول على التعاون الإيجابي الفاعل مع العالم، فالحصول على مصالح وتمويل وحصص في التجارة الدولية يتوقف على مدى تحقيق مثل هذه البنود.

من ناحية أخرى، فإن برتكولات السلام تعود في مجملها إلى إصلاح سياسي كامل في البلاد عبرالديمقراطية الليبرالية والتداول السلمي للسلطة كنظام للحكم، على أن تجعل هذه البرتكولات حقوق الإنسان معياراً يخضع كل مستويات الحكم للرقابة البرلمانية والقضائية بالشفافية ومحاربة الفساد والمساواة بين الناس.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


وتبقى المهمة الأساسية الآن أمام رئيس الوزراء السوداني بناء الثقة في المجتمع الدولي مع بلاده بترسيخ مفاهيم جديدة بإنفتاح مطلق نحو العالم، وبأسس وأفكار جديدة، وخاصة تفاهمات مع واشنطن لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، بما سيؤدي إلى توفير الأبعاد التي ظلت مفقودة في البلاد خلال العقود الماضية.