محمد زاهد غول

تدعي الدول المشاركة في الأزمة السورية بصورة مباشرة أنها تنسق مع الأمم المتحدة، وبالأخص فيما يتعلق بالحل السياسي النهائي، من خلال تأكيدها على ضرورة تشكيل هيئة صياغة الدستور القادم، بإشراف الأمم المتحدة ومبعوثها لحل الأزمة السورية «غير بيدرسون» الذي وصل إلى دمشق قبل يومين تمهيدا لإعادة إطلاق العملية السياسية، ولكن في نفس الوقت تواصل قوات نظام الأسد قصف مناطق في ريف إدلب بالصواريخ بمساعدة روسية - إيرانية، بينما تعلن تركيا أن قواتها العسكرية جاهزة لتنفيذ خطتها للمنطقة الآمنة، إما بمشاركة مع الولايات المتحدة الأمريكية حتى نهاية شهر سبتمبر الجاري، وإما وحدها إذا امتنعت أمريكا عن مشاركتها في ذلك.

وفي الوقت الذي تواصل أمريكا تزويد قوات سوريا الديمقراطية بالأسلحة فإن مجلس سوريا الديمقراطية يواصل اتصالاته بحكومة الأسد للاعتراف بالإدارة الذاتية الذي يقودها، مستنكرا مواقف نظام الأسد بسبب تمسكه بالسيادة الوطنية بزعمه، بينما النظام لا يملك من أمرها شيئاً، منذ سماحه للجيش الإيراني باحتلال أراضي سوريا بذريعة اتفاقية الدفاع المشترك، وهو ما وفر نفس الذريعة لروسيا لاحتلال أراض سورية، وهو ما سمح لأمريكا أن تفرض تواجدها العسكري شمال شرق سوريا وجنوبها، وهو ما فرض أخيراً التدخل العسكري التركي لتأخذها مقعدها على طاولة المفاوضات على مستقبل سوريا، فلا يتم الحديث عن الحل السياسي إلا من خلال التوازن العسكري على الأرض.

إن محاولة مجلس سوريا الديمقراطية التفاوض مع حكومة الأسد على حكم ذاتي يشمل الأراضي التي تسيطر عليها، وهو ما يتعارض مع الرؤية التركية الاستراتيجية، لأن الحكم الذاتي في سوريا، سوف يكرر تجربة إقليم شمال العراق بالدعوة إلى استفتاء شعبي على استقلال مناطق الحكم الذاتي.

وهذا الأمر تدرك خطورته حكومة الأسد كما تدركه الحكومتين الإيرانية والروسية، كما يدركون أن مشروع قسد ليس بعيدا عن الاستراتيجية الأمريكية لتقسيم سوريا، وهو ما يتعارض مع الدعوة التركية لإنشاء منطقة آمنة شمال سوريا، أي أنه يتعارض مع الاتفاقية الموقعة بين أمريكا وتركيا بتاريخ 7 أغسطس الماضي.

من المؤكد أن النقطة الأساسية في التفاهم التركي مع حكومة الأسد هو منع إقامة حكم ذاتي، بالرغم من أن قوات سوريا الديمقراطية تتلقى الدعم العسكري، بحجة محاربة الارهاب، بينما تنظر تركيا لأي تعاون مع قوات سوريا الديمقراطية تهديداً لحدودها الجنوبية وأمنها القومي، ولا يخدم مشروع السلام المنشود لسوريا.


أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟