لبنى الهاشمي

ثقافة العصر تفرض علينا روافد ثقافية من نوع آخر، وهو ما تغفله الحواضن العربية، فلن تخطئ العين ذلك الكم الهائل من الكتب المحلية والمترجمة التي تتمحور حول تطوير الذات، ومدى إقبال الشباب على كتب تسهل طرق اكتساب المهارات، والتغلب على التحديات.

نغفل بالاكتفاء بقراءة هذه الكتب من أجل تطوير الذات، وهذا ليس كافياً للتغيير، فأحياناً تتجه ثقافة تطوير الذات إلى ثورة مضادة للثقافة الجادة، لترتقي بالقارئ إلى مرحلة الإدمان على المسكنات المؤقتة، والحلول السحرية للتغيير، وبعض العناوين وهمية تزيف الوعي والمعنى، ولا ننسى أن الواقع العربي المحبط، جعلنا نقبل بنهم على الوصفات الجاهزة لتحقيق الأحلام بأقصر الطرق كما يتعهد رعاتها.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟

لسنا ضد التنمية البشرية، ولكن الإدمان على قراءة هذه الكتب حصراً، أو الاكتفاء بها مطلقاً، قد يضر بصناعة الثقافة، ويجعل أعداد الكتب الجادة تتضاءل، وتأثيرها في نفوس الشباب يقل.

إن ما حظيت به كتب التنمية من شهرة فائقة وصيت ذائع، عكس ثقافة الأقنعة لا القناعات، الظاهر لا الباطن، ونؤكد أن الكتب الجادة أو العميقة مع كتب التحفيز، ترفد القراء بأدوات تضبط عقولهم وتثري روحهم وترتقي بأفكارهم، فضلًا عن رفع قدراتهم على تصحيح مشكلات الذات وتعزيز المهارات.

لا ريب في أن مساوئ تلك الثقافة الأحادية أنها أفقدتنا القارئ الحصيف والجاد، حيث يفتقر شبابنا بالأساس إلى الثقافة الأصيلة، لنصبح أمام أنصاف مثقفين وجيل فارغ من الداخل.

فلا يخفى أن تطور المجتمع وتقدمه يبدأ من قاعدة الإبداع والفكر والإنتاج الجاد، لكن الاستثمار في التنمية الذاتية، ليس - كما يتصور البعض - هو الثقافة بمجملها، أو في عمقها وزخمها المعرفي.