د. محمد لعقاب

وأنا أتابع الأحداث الأخيرة في العراق، حيث يطالب الشعب هناك بمحاربة الفساد الذي استشرى في الحكومة، وبوطنية الدولة بدل تبعيتها للخارج، تذكرت تلك الصورة البطولية المزيفة التي رسمتها الدعاية الأمريكية لأحمد شلبي، الذي دخل العراق فاتحاً على ظهر الدبابة الأمريكية عام 2003، أحمد شلبي يعرف بأنه من عراقيي المهجر ومن عملاء الولايات المتحدة الذين روجوا عبر الصحف الأمريكية للأكاذيب بخصوص نظام حكم صدام حسين وتحديداً الملف النووي.. تلك الأكاذيب استند إليها صقور البيت الأبيض لاحتلال العراق، وتم تسويق ذلك الاحتلال خارج الأمم المتحدة بالعمل على بناء شرق أوسط جديد ينعم بالديمقراطية والرفاه.

وبعد أن أتم أحمد شلبي المهمة بنجاح وجد مقتولاً في غرفته بأحد الفنادق، أما الشعب العراقي فقد عاد من التنمية إلى التخلف والتقهقر، ولم تعد هناك دولة بالمعنى الحقيقي للدولة، لقد انهارت البلاد، وانعكس ذلك على الحياة اليومية للمواطن، الذي أصبح يشقى بعد أن بشر بالنعيم الديمقراطي.. هذا ملخص نتائج التدخل الأجنبي في العراق، وأصبح أحمد شلبي رمزاً لكل من يعمل على دعم التدخل الأجنبي في بلاده.

يقودني هذا الحديث لكي أعود إلى الجزائر، حيث يعمل من أسميتهم في مقالي السابق بـ «العابثين بالعقول» على تقديم كل الذرائع للخارج بهدف التدخل في شؤون البلاد، وهم يعملون على نشر الدعاية والتضليل والمغالطات، التي تدفع إلى رفض الانتخابات الرئاسية المقبلة، المقررة يوم 12 ديسمبر 2012، والسؤال الذي يطرح عليهم ولا يجيبون عليه هو: إذا كنتم ترفضون الانتخابات فماذا نفعل والبلاد بدون رئيس منذ 7 أشهر؟.. بعضهم يقول نريد مرحلة انتقالية يتم فيها تعيين رئيس مؤقت، أو قيادة جماعية لفترة انتقالية، ولما سئلوا من يعين من؟، ولماذا تم تعيين هؤلاء بدلاً من تعيين الآخرين؟ لم يقدموا إجابات مقنعة.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟

الحقيقة أن شلبيي الجزائر معروفون بتجار المرحلة الانتقالية، ففي عام 1991 رفضوا الانتخابات وقاموا بالانقلاب على الصندوق بدعم من الجيش وتم تعيينهم في مختلف المناصب، وفي عام 2019 عادت الجزائر لتعيش في نفس الوضعية، لكن الجيش رفض التعيين وأصر على الانتخابات، لذلك ترى الشَّلبيِّيِن يتخبطون في عدة عواصم عربية وغربية وعلى رأسها باريس.. إنهم يدركون أن عدم تنظيم الرئاسيات في الجزائر في موعدها المحدد، يعني انهيار الدولة، وبانهيار الدولة تنهار البلاد، وتصبح الجزائر تعيش وضعاً كذلك الذي أوصل إليه أحمد شلبي العراق.