صالح البيضاني

ارتدت آخر مغامرات الرئيس التركي رجب طيب أروغان عليه سريعاً بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية فرض عقوبات على ثلاثة من وزرائه، ومطالبته بسحب قواته من سوريا التي حاول الفرار إليها من أزماته الداخلية التي باتت تحاصره بعد خسارة حزبه لبلديات أهم المدن التركية مثل: أنقرة وإسطنبول.

تشير التقارير وتحليلات الخبراء إلى أن أردوغان جرَّ بلاده إلى مستنقع كبير في سوريا جعله بين ليلة وضحاها في مواجهة عدد غير مسبوق من الأعداء الإقليميين والدوليين، بعضهم كان حليفه حتى أيام مضت كروسيا وإيران.

غير أن هذه المغامرة غير المحسوبة العواقب، لم تكن الأولى للرئيس التركي وربما لن تكون الأخيرة، بعد أن أوقع بلاده في شرك خصومات من العيار الثقيل، مدفوعاً بأوهام إمبراطورية غابرة يحاول استعادتها بجيش سبق كسر هيبته في شوارع المدن التركية، وإظهار منتسبيه عُراة أمام الشَّاشات، في عملية إذلال ممنهجة للمؤسسة العسكرية، التي كان ينظر إليها حتى سنوات خلت على أنها حامية حمى الدولة التركية.

وبالنظر إلى خارطة العداوات والصراعات السياسية التي خلقها أردوغان ويحاول اليوم مواجهتها بأدوات سياسية بالية، وقوة عسكرية منكسرة، واقتصاد يترنح، تبدو الصورة بالغة السوء بعد أن أحاط بلاده بعدد غير مسبوق من الخصوم والغياب التام للحلفاء، ربما باستثناء دولة هامشية مثل قطر تعاني هي الأخرى من أزمات تحاول الهروب منها كذلك، من خلال الإيحاء بوجود حليف إقليمي قوي هو تركيا.

أوصلت سياسات أردوغان علاقات بلاده مع العديد من الدول العربية إلى حافة الهاوية، أو ربما الهاوية نفسها، نتيجة استهدافه أكبر دولتين عربيتين هما: السعودية ومصر، حيث سعى في علاقاته مع الأولى لممارسة ابتزاز سياسي فج عبر قضية الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الذي باتت قضيته أمام القضاء.

وبهدف تعويض خسارته للعرب سعى أردوغان لملء تلك الفجوة الهائلة في الدبلوماسية التركية عبر إبرام تحالف جديد مع روسيا وإيران، لكنه في المقابل خسر آخر حلفائه الدوليين في حلف الناتو، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


ولكنه بعد أيام قليلة من التقاط الصور مع روحاني وبوتين، وَاصَل مسيرة التخبط السياسي، حيث أقدم على مغامرة اجتياح الأراضي السورية، وهو الأمر الذي جعله في مواجهة مباشرة ومحتملة مع روسيا وإيران ومن خلفهما النظام السوري، الذي عقد اتفاقاً هو الأسرع مع أكراد سوريا لمواجهة العدو المشترك الجديد الذي بات بلا حلفاء.