محمد زاهد غول

من المؤكد أن تركيا تستثمر تناقض المواقف الأمريكية حول سوريا، فالرئيس الأمريكي أعلن منذ عام وأصدر قراره بانسحاب القوات الأمريكية من سوريا، ولكن وجهة نظر مستشار الأمن القومي أنذاك جون بولتون كانت تمانع تنفيذ ذلك القرار، بل كان ذلك القرار سببا لاستقالة وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس، كما أدت إلى استقالة جنرالات آخرين كانوا ينسقون أعمال الجيش الأمريكي مع قوات سوريا الديمقراطية في سوريا، لأن الخطة الأمريكية التي كانوا يعملون عليها تقتضي بقاء الجيش الأمريكي هناك، ولكن وجهة نظر ترامب تقول:«إن أكبر أخطاء أمريكا في تاريخها كله هو قرار التورط في حروب الشرق الأوسط»، الذي كلفها سبعة تريليونات دولار أولاً، وبسبب أن الخلافات في الشرق الوسط بين شعوب تعادي وتقاتل بعضها منذ قرون وعقود، ولا مصلحة لأمريكا للمشاركة في هذه الحروب السخيفة.
لقد اعترف وزير الدفاع الأمريكي: أن ترامب أصدر أوامره بعد خمسة أيام من بدء الهجوم التركي بسحب ألف جندي أمريكي من المناطق التي سوف تهاجمها تركيا، ويتم تفسير ذلك على أنه ضوء أخضر أمريكي للقوات التركية لمواصلة هجومها، ولولا ضغوط البنتاغون وبعض أعضاء الكونغرس الذين رتبوا رؤيتهم الاستراتيجية لمستقبل سوريا أن تكون بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية فقط، وقد وعدوها بالدعم العسكري والسياسي الدائم، وحاجة ترامب إلى دعمهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة لما أقدم ترامب على انتقاداته اللاذعة للهجوم التركي، وتهديده بتدمير الاقتصاد التركي، فهذه التصريحات تخاطب أنصاره المعارضين للهجوم التركي على شمال سوريا.
ورغم كل هذه التناقضات في المواقف الأمريكية من الهجوم التركي على الشمال السوري، فإن تحديات كبيرة تواجه السياسة التركية داخليا وخارجياً، وأولى هذه المواقف هو انقلاب الموقف الروسي من هذه العملية وحدودها ومداها وأثرها على التواجد الروسي في سوريا، وبالأخص بعد زيارة بوتين إلى الملكة العربية السعودية، فروسيا عملت على جمع قيادات قوات سوريا الديمقراطية مع نظام الأسد في قاعدة حميميم في اليوم الخامس للعملية العسكرية التركية، بعد أن طلبت قوات سوريا الديمقراطية من روسيا أن تكون ضامنة لاتفاق لها مع نظام الأسد، وموافقة روسيا على ذلك يعني أن المعادلة العسكرية قد تنقلب رأسا على عقب، فإذا انتشر الجيش السوري النظامي شمال سوريا، فلن يكون لتركيا الحق بمواجهته ولا منعه من السيطرة على أرضه، وقد تصبح الحكومة التركية مضطرة إلى التراجع عن خطتها العسكرية والسياسية في سوريا كلية..

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟