سحر الزارعي

رحلة هزاع المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي، كانت حديث القاصي والداني في دولة الإمارات العربية المتحدة، فكل مواطني الدولة ومقيميها شعروا بالفخر والاعتزاز بهذا الإنجاز البشري العظيم، لاسيما أن الإنجاز ليس على مستوى فردي فقط، فهناك مركز الشيخ محمد بن راشد للفضاء، وهناك برنامج رواد الفضاء الإماراتي، وهناك استراتيجيات إماراتية عميقة ودقيقة تخص علوم الفضاء وتعتزم الوصول للمريخ.

الحدث كان أيضاً حديث وسائل الإعلام العربية والأوسطية طوال الفترة الماضية، وتغنّت به عشرات الأقلام والآراء لما يضيفه من قيمة للعرب والشرق الأوسط، فضلاً عن ترسيخ ريادة دولة الإمارات في شتى مجالات الإبداع والتنافسية.

يقول أستاذ التاريخ يورغ ماتييس ديتيرمان، مؤلف كتاب «علم الفضاء والعالم العربي»، إن تأسيس الإمارات العربية المتحدة بالتزامن مع برنامج الفضاء الأمريكي «أبوللو» ألهم القادة الإماراتيين، فالإمارات العربية المتحدة دولة شابة تأسست عام 1971، في أوج الحرب الباردة وسباق الفضاء المرتبط بها، وكذلك في ذروة الإنجاز الأمريكي بالصعود إلى القمر، وتابع: «كانت هذه المرحلة فارقة بالنسبة للولايات المتحدة التي كانت تحاول تحقيق أقصى استفادة من هذا الإنجاز العظيم الذي ألحقته بحملة دعائية كبرى».

وفي خضم هذا الحراك الفضائي لمستُ تنامي الاهتمام العام من المثقفين الإماراتيين بعلوم الفضاء وتوصيفات رحلة المنصوري وأبعادها ومعايير اختياره الصعبة والدقيقة، وأسباب عدم قدرته على الوقوف على قدميه فور هبوطه على الأرض إلا بعد فترة خضع خلالها لفحوص طبية عاجلة تتعلق بالدورة الدموية والعمود الفقري والدماغ وأمور أخرى ضرورية. كم هي إيجابية هذه الأجواء! لكن على الطرف الآخر أسمع مجموعة من الشباب الإماراتيين خلال إحدى الفعاليات يتساءلون:المنصوري وصل فعلاً للقمر أو القصة كلها «فوتوشوب»؟

المنصوري وصل إلى المحطة الفضائية الدولية وليس للقمر. هل الفوتوشوب قادر على اختلاق هذه القصة برأيهم؟ ليست المرة الأولى التي أتحدث فيها عن بُنية التعليم الأساسي والمناهج وطريقة تشكيل العقول، لكن الثغرة بدت لي واسعة جداً بين إنجاز المنصوري وحديث هؤلاء! متى نصل لبُنية تأسيسية للعقول تؤسس لصناعة رواد الفضاء والفكر، وتردم فجوة «الفوتوشوب»؟

أخبار ذات صلة

هل أخطأ جيروم باول؟
العاصفة القادمة في العملات المشفرة