وفاء صندي

صعود اليمين المتطرف سيتسبب في أزمة سياسية وفكرية واجتماعية حقيقية

أسفرت نتائج الانتخابات التشريعية الإسبانية المبكرة، التي جرت الأحد الماضي، عن فوز الحزب العمالي الاشتراكي الإسباني (يسار)، وصعود مثير لحزب «فوكس» اليميني المتطرف الذي أصبح القوة السياسية الثالثة في البلاد، بعدما رفع رصيده من 24 إلى 52 مقعداً، بعد عامين فقط من ظهوره في المشهد السياسي.

تزيد هذه النتائج من تعقيدات النظام السياسي الإسباني الذي يمكن اعتباره الخاسر في هذه الانتخابات، التي لم تفرز أغلبية واضحة لأي من القوى السياسية المتنافسة لتشكيل الحكومة، ما سيدخل البلاد في حالة من عدم اليقين، يمكن أن تنتهي بالعودة مرة أخرى، إلى صندوق الاقتراع.

أما الفائز الأكبر فهو اليمين المتطرف الذي كانت إسبانيا، حتى منتصف هذا العام، الدولة الأوروبية الكبرى الوحيدة التي لم يكن ممثلاً في برلمانها، والذي تحول فجأة إلى ثالث قوة داخل مجلس النواب، ما سيقيد كل السياسة الإسبانية.

بات صعود اليمين المتطرف، وسيطرة الشعبوية على الخطاب السياسي أمراً مقلقاً ومثيراً للمخاوف، بعدما حقق مجموعة انتصارات في أمريكا وبعض الدول الأوروبية، فقد أثر وصول الرئيس الأمريكي ترامب إلى الرئاسة في نهاية عام 2016، في نتائج انتخابات عدة جرت خلال الثلاث سنوات الأخيرة سواء في فرنسا وألمانيا أو في النمسا وهولندا وإيطاليا وانتخابات البرلمان الأوروبي.

ويبدو أن رقعة انتشار هذه الأحزاب في اتساع بعدما نجحت في تشكيل تحالف موسع لتنسيق أعمالها، مستفيدة في ذلك من فشل السياسات الغربية في تحقيق طموحات شعوبها، وتراجع قوى اليمين واليسار التقليدية، وفساد الطبقة السياسية، ما فتح المجال أمامها لطرح نفسها كبديل سياسي فعال، ما سيتسبب في أزمة سياسية وفكرية واجتماعية حقيقية قد تؤدي إلى اتساع وتفاقم حدة الأزمات المختلفة التي تعاني منها أوروبا تحديداً، وإلى تفريغ الاتحاد من الداخل.

هذا الوضع المقلق والخطر المتزايد، يحتم على دول الاتحاد إيجاد حلول بديلة للأزمات الاقتصادية التي تعصف بها منذ 2008، وعدم الاستسلام للعنصرية والتمييز.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟


ويحتم على أحزابها التقليدية ضرورة التنسيق فيما بينها للتخلص من المساومات الانتخابية، والضغط على حكومات اليمين من أجل إيقاف سياسات التقشف، والوصول إلى حلول معقولة لمشاكل البطالة والهجرة غير الشرعية واللاجئين، والتي تقتات منها أحزاب اليمين المتطرف.