فاطمة المزروعي

إحدى الصديقات وصفت تعاملها مع طفلها بأنه يشبه لعبة القط والفأر، وهي محقة في بعض الجوانب، فالتعامل مع الطفل يجب ألا يطغى عليه الجدية والحماس، فأولاً وأخيراً أنت تتعامل مع طفل أحلامه محدودة واهتماماته ضيقة. الأطفال في العادة محبون للفت الانتباه، وهم أيضاً يشعرون بالاحتفاء ويسعدهم التشجيع والثناء، ومن هذه الجزئية نبع مفهوم التجاهل أو التربية بالتجاهل، وهو ببساطة متناهية يقوم على غض الطرف عن محاولات الطفل لفت انتباه أمه وأبيه، ويستخدم هذا النوع عندما يقوم الطفل بسلوكيات سيئة مثل ضرب أقرانه أو أخذ ما بأيديهم من ألعاب، أو حتى ممارسة الألعاب الخطرة كالقفز وغيره. في الحقيقة، سيقوم الطفل بعد كل سلوك برصد ردة فعل محيطه، إن وجد من حوله مشجعين ومعجبين فإنه سيتمادى في هذا السلوك، على سبيل المثال، طفل في المرحلة التمهيدية ضرب زميله وأخذ لعبته، يعود إلى المنزل وقد أعلمت أسرته بخبر سلوكه العنيف، يستقبله الأب بوصفه بطلاً ويشجعه ويضحك، ويسأله كيف ضربت زميلك وعندما يقص ابنه ما حدث يقوم الأب بالتشجيع بكلمات مثل أحسنت أو نحوها، الطفل هنا أخذ الضوء الأخضر، ومن المؤكد أنه سيقوم بضرب طفل آخر. قام الأب بتشجيعه على سلوك عنيف قد ينمو معه، لكن لو قام الوالدان بإظهار عدم الرضا لاختلفت النتيجة تماماً.

الأطفال الذين يبكون على كل صغيرة وكبيرة يجديهم نفعاً أسلوب التجاهل وكأن الأم والأب لا يسمعانهم، سيبكي الطفل بعض الوقت ثم ينهض لمواصلة اللعب عندما يرى أن أسلوبه في لفت الانتباه لم ينفع. قد يقول البعض إن من الصعب تجاهل صراخه وبكائه والإزعاج الذي قد يسببه، وهذا صحيح لكن ما البديل لمعالجة هذا السلوك؟ هل استخدام العنف الجسدي أو اللفظي يكون مجدياً؟ قد نخرج من سلوك ونقع في أسوأ منه عندما نمارس الضغط والقسوة على طفل في مقتبل العمر، ونكون قد حكمنا عليه بالانحراف أمام عنف غير مبرر وغير مفهوم يمارس ضده.

أخبار ذات صلة

هل أخطأ جيروم باول؟
العاصفة القادمة في العملات المشفرة