منورة عجيز

الفائز بجائزة «زايد للكتاب» في الترجمة ينصح الشباب بالصبر والتجويد والإيمان بالحلم

قال أستاذ اللغة والآداب العربية بكلية التربية في جامعة زايد، الدكتور التونسي محمد آيت ميهوب، إن جائزة الشيخ زايد للكتاب، التي فاز بها بفرع الترجمة عن كتاب «الإنسان الرومنطيقي»، من أعرق وأهم الجوائز العالمية، نظراً لإسهاماتها اللا محدودة في تنشيط الحركة الثقافية والفكرية والأدبية العربية.



وأكد ميهوب في حواره مع «الرؤية»، أن ترجمة كتاب «الإنسان الرومنطيقي» حققت حلم شبابه، إذ طالما تمنى ترجمة كتاب وإهدائه إلى المكتبة العربية، موضحاً أن العالم العربي يشهد فورة في النشر بفضل تعدد معارض الكتب، ولكن ما زالت هناك ظاهرتان سلبيتان تطاردان الكتاب العربي، هما: العزوف عن القراءة، وضعف الترويج للمنتج الأدبي في الخارج.



وعن وصاياه للمترجمين الشباب، ذكر ميهوب، أنه يوصيهم بالصبر والتجويد والإيمان بالحلم، وإيلاء عملية مراجعة النصوص ما تستحق من جهد، وعدم الاغترار ببريق الكسب المادي السريع .. وتالياً نص الحوار:

*كيف تلقيت خبر فوزك بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن فرع الترجمة؟

بداية، أود الإشارة إلى أنها المرة الأولى التي أشارك فيها في جائزة الشيخ زايد للكتاب، وتم ترشيحي من قبل معهد تونس للترجمةـ باعتباره ناشر ترجمتي «الإنسان الرومنطيقي»، وسعيد جداً بهذا التتويج العلمي والأدبي، وإنه لشرف عظيم لي أن أنال جائزة الشيخ زايد للكتاب، فهي من أعرق الجوائز العربية على الإطلاق، وإحدى أهم الجوائز العالمية رفعة ومجداً، كما تسهم في تنشيط الحركة الثقافية والفكرية والأدبية العربية..



*حدثنا عن تجربتك مع ترجمة كتاب «الإنسان الرومنطيقي».

أخبار ذات صلة

«إصدارات أدبية تسجل تاريخ الوطن» ندوة بالأرشيف والمكتبة الوطنية
«دبي للثقافة» تدشن «التبدّل والتحوّل» في مكتبة الصفا

كتاب «الإنسان الرومنطيقي» للفيلسوف والأديب الفرنسي جورج غوسدورف، شديد الأهمية في تاريخ الفلسفة والفكر العالميين، ومرجع لا غنى عنه لمَن يريد التعمق في الرومنطيقية والفكر الغربي الحديث عامة.

وطالما تمنيت وأنا شاب أن أترجم الكتاب وأهديه إلى المكتبة العربية، وقد تحقق لي ذلك، أما اليوم، وقد توجت بجائزة الشيخ زايد للكتاب، فأشعر أن ترجمتي أخذت أبعاداً جديدة تزيدها أهمية وتخول لها مزيداً من الانتشار بين القراء العرب، وهذا في رأيي أهم دلالات الجائزة والفلسفة العميقة منها.





*علام تشمل إنجازاتك الأدبية؟

نشرت في مطلع الشباب مجموعة قصصية بعنوان «الورد والرماد»، ورواية بعنوان «حروف الرمل»، ثم عكفت على إتمام دراساتي العليا والفراغ من أطروحة الدكتوراه، وتوجت ذلك بكتابي «الرواية السيرة الذاتية في الأدب العربي المعاصر».



*كيف كانت رحلتك مع الترجمة؟

في تلك الأثناء التي كنت أجري فيها الأبحاث، ولهت بالترجمة وأنجزت عدة ترجمات أضافت إلي الكثير وأذكر منها روايات «السيد لمجد الرمال، وليلة الألف ليلة»، ومسرحية «نهاية اللعبة»، وكتاب «الأقصوصة»، لكن ذلك لا يعني أنني تركت الإبداع في مستوى رؤية العمل البحثي نفسه، وفي مستوى أسلوب الكتابة والعبارة.

*ما هي أبرز مشاريعك الأدبية المقبلة؟

لدي الآن مشاريع جديدة دفعت أحدها إلى المطبعة وهي دراسة عن التجربة القصصية لمحمود تيمور، وأشتغل على بعضها الآخر وتحديداً رواية جديدة أرجو أن أفرغ منها قريباً، وعملان مهمان في الترجمة.



*كيف تقيّم وضع الكتاب والمترجمين في الآونة الأخيرة؟

إذا قارنت وضع الكتاب والمترجمين العرب والحركة الأدبية عامة بما كان عليه الأمر قبل 30 عاماً، فيمكنني أن أقول جازماً إن الحاضر أفضل بكثير من الماضي القريب، فنشر الكتب تطور كثيراً من الناحية الكيفية والكمية، إذ صرنا نعيش فورة في النشر وتعددت معارض الكتاب في كل أصقاع العالم العربي، وصارت لدينا دور نشر تراهن على الكتاب والمؤلفين وتجد حوافز مادية وأدبية لتمارس المهنة، ولا شك في أن تعدد الجوائز القيّمة للمؤلفين والناشرين يفسر جانباً كبيراً من هذا الإقبال الكبير على التأليف في الرواية والدراسات النقدية خاصة.

ولكن هناك ظاهرتين سلبيتين ما زالتا تتابعان الكتاب العربي هما: ضعف عدد القراء من جهة، وضعف الرواج في العالم من جهة أخرى، وهو ما تكشفه الأرقام الهزيلة لكتبنا المترجمة في لغات الآخر.



*ما الذي ساهم في تحسين وضع المترجمين العرب؟

يعود الفضل في ذلك بالدرجة الأولى إلى قيام منظمات ومؤسسات تسعى إلى النهوض بحركة الترجمة العربية، وأخص بالذكر مشروع كلمة في الإمارات، ومعهد تونس للترجمة، والمنظمة العربية للترجمة في بيروت، كما أن بعض الناشرين الجادين أصبحوا يراهنون على الترجمة وتحسن تعاملهم مع المترجمين تحسناً ملحوظاً.





*بما توصي المترجمين الشباب؟

ملاحظ اليوم أن كثيراً من المترجمين لا يرون من الترجمة إلا عقوداً توقع ومداخيل تتحقق، وهذا ما يدفعهم طلباً للمال إلى استسهال عمل الترجمة، وعدم إيلاء عملية مراجعة النصوص وتجويدها ما تستحق من وقت وصبر وتركيز.

وأدعو المترجمين الشباب إلى أن يؤمنوا بأحلامهم ولا يسمحوا لها بأن تتبخر في بريق الكسب المادي السريع، إذ إن كل الإنجازات الرائعة التي يمكن أن ينجزها الإنسان تبدأ بحلم قد يبدو صعباً في البداية وفوق الطاقة، ولكنّ الإيمان بذلك الحلم وتصديق المرء لحدسه الذاتي يولّدان الثقة في النفس التي تترجم إلى طاقة هائلة تيسر كل الصعاب.



*ما دور الكاتب في المجتمع العربي، من وجهة نظرك؟

أعتقد أن دور الكاتب العربي في المقام الأول هو أن يكتب أدباً جيداً، وأن يسهم في خدمة مواطنيه ويفتح أمامهم آفاقاً جمالية وتخيلية جديدة رحبة، تساعدهم على أن يزدادوا معرفة بأنفسهم وقدرة على الإيمان بأحلامهم ومواجهة حيواتهم الشخصية في أفراحها وأتراحها.

أما الكاتب المصلح والرسول والقائد والزعيم، فقد عصفت به التحولات الاجتماعية والحضارية والتواصلية الهائلة، وما عاد بإمكانه أن يثمر إلا نصوصاً تعليمية وعظية رديئة، مثل زراعة الجمال وإخصاب التخييل، هذا في رأيي الوظيفة الأولى والخالدة للكاتب.



*ما التساؤل أو القضية التي تشغل بالك دائماً؟

تشغلني في الحقيقة تساؤلات وقضايا كثيرة على المستوى الشخصي، يشغلني دائماً التفكير في سبل تطوير تجربتي الإبداعية خاصة وأحاول قدر الإمكان أن أنصف الروائي، أما على المستوى الوطني والعربي فتشغلني كثيراً الهواجس والمخاوف من المجهول الذي يتربص بكثير من المجتمعات العربية ويهددها بالفقر والإرهاب والتخلف.

وعلى المستوى الإنساني ما زلت متمسكاً بطوباوية الشاب الذي كنته قبل 30 عاماً، فلم أكفّ يوماً عن الحلم بعالم أكثر جمالاً وعدالة وتسامحاً وقبولاً للآخر.



*حدثنا عن أبرز القرارات التي ستتخذها لو كنت وزيراً للثقافة.

سأتخذ قرارين أساسيين، أنجزهما ثم أسلم مفاتيح الوزارة لمن هو أكفأ مني وأعود إلى قلمي وورقتي البيضاء.

القرار الأول هو تمكين المبدعين الحقيقيين من شعراء وروائيين ورسامين وموسيقيين، من منحة تفرغ للإبداع لا حدّ زمني لها.

أما القرار الثاني فهو العمل على أن تصبح وزارة الثقافة سيادة، فالثقافة لا سيما فيما يشهده العالم العربي اليوم ليست ترفاً أو تزويقاً أو حاجة كمالية، بل جزء أساسي يتقدم صفوف معركتنا الحضارية ضد التخلف والجهل والإرهاب، ويمكن بالثقافة الجادة أن نحقق من الانتصارات في تلك المجالات ما لا تحققه لنا مواردنا الأخرى.