نقطة من أول السطر
على مختلف مراحل حياتنا تمر بنا الكثير من الصعاب والعقبات، وتعترضنا الهموم والأحزان، هذا واقع، ولا أحد منا مستثنى أو خارج عن حتمية القدر، ومن هذه الأحداث تولد الذكريات المؤلمة، التي تبقى في الذاكرة بتفاصيلها المتوهجة ووضوحها الحزين لفترة ليست قليلة من الزمن، عندما يفقد أحدنا قريباً أو يتعرض لحادث مؤلم أو موقف اهتزت فيه روحه لأي سبب من الأسباب، تبقى - أراد أو لم يرد - التفاصيل في ذاكرته، فيتلبسه الحزن والألم وقد يمتد ليصل إلى القنوط والكآبة.
وإن كان الموت واختطافه لأحبتنا هو أكثر ما يبعث على اللوعة والهم وحزن الفراق، فإن حتميته وواقعيته الشديدة تجعلنا أمام حقيقة تشبه شروق الشمس وغروبها، ومع هذا التسليم فإن أوقاته تمر ثقيلة وأيامه تسير ببطء قاتل، وخلال هذه الفترة الزمنية كأنه يحفر لنفسه مكاناً في ذاكرتنا الحزينة التي تظل تعيد التفاصيل بين وقت وآخر خلال لحظات نهارنا وليلنا، إنه الحزن الذي يسيطر على النفس ويقيد الروح ويسجن العقل، فلا يقوى على التفكير بعيداً عنه. وقد وصف هذه الحالة الروائي الشهير الراحل فيودور دوستويفسكي، عندما كتب: «إن هذه الذكريات شاقة على النفس يا صديقي، إنها تطعن قلبك مرة ثم يبقى الجرح نازفاً إلى الأبد».