محمد الحمادي

أبت شمس يوم أمس، الثلاثاء، أن تشرق إلا وقت فارقت روح الأستاذ إبراهيم العابد، في رحلته الأخيرة في هذه الأرض، ليتركنا هنا في حيرة وحزن على هذا الرحيل المفاجئ الذي كان بلا أية مقدمات وبلا وداعٍ وبلا موعد للقاء قريب، كما تعودنا دائماً.. «نشوفك على خير بوباسم».



الحزن في الوسط الإعلامي الإماراتي كبير، فغياب قامة بحجم ومكانة الأستاذ إبراهيم العابد، بلا شك يشكل فراغاً حقيقياً في المشهد الإعلامي، ففي سنواته الأخيرة، كما هو دائماً، وأثناء عمله مستشاراً لمعالي الدكتور سلطان الجابر عندما كان رئيساً للمجلس الوطني للإعلام، كان الأستاذ إبراهيم المستشار الخاص لكل إعلامي إماراتي وغير إماراتي، فمن يبحث عن معلومة ومن يريد أن يتأكد من خبر ومن يبحث عن مسؤول لا يعرفه ولا يمكنه التواصل معه، لا يحتاج إلا الاتصال بالأستاذ إبراهيم الذي كان يرد في كل وقت وفي كل ظرف وغالباً ما يكون عنده الجواب، وإذا لم يكن فإنه يبحث ويسأل حتى يأتي بالجواب وبالرد.. اليوم وبعد أن رحل الرجل المتجاوب مع الكل أصبح الجميع يردد: رحم الله بوباسم، فمن نسأل الآن؟ وإلى من نلجأ في عملنا اليوم، وفي زحمة الجري وراء الخبر والمعلومة؟



عرفت الأستاذ إبراهيم لأكثر من عشرين عاماً، لم يكن إلا ذلك الرجل السمح البشوش والخجول والهادئ والمتواضع، يعرف كيف يعامل كبار الصحفيين والصغار والمبتدئين، يحترم الجميع ويستقبلهم بابتسامته الجميلة، وإذا لم يعرف أحداً، فإنه يبادر بالسؤال عن اسمه ومكان عمله، وربما يأخذ رقم هاتفه، هكذا كان يبني شبكة علاقاته مع الجميع داخل الإمارات وخارجها.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟



كان متواصلاً مع جميع الإعلاميين، حتى قبل وفاته بساعات، كنت أستقبل منه الرسائل عن طريق واتساب، فإذا ما رأى خبراً مهماً أو مقالاً يستحق القراءة يرسله لي لقراءته والاطلاع عليه، أما إذا كان مقالاً كتبته وأعجبه أو شاهد مقابلة لي على إحدى القنوات، فإنه لا يتردد بالاتصال، سواء للإشادة أو لإبداء الملاحظات التي كنت أتقبلها بصدر رحب، لأنها كانت تأتي من أستاذ محب.



كلمات الرثاء في حق الأستاذ إبراهيم لا توفيه حقه، ولكن تكريم الشيخ محمد بن راشد والشيخ محمد بن زايد له، تكريم مستحق أسعد الجميع كما أسعده في حياته.. فعطاؤه وتفانيه وإخلاصه خلال خمسة عقود تشهد له إلى الأبد، فقد كان مثالاً لحب العمل وحب الإمارات، فحتى آخر يوم في حياته، رحمه الله، ورغم كبر سنه، لم يتوقف عن العمل والعطاء والمساعدة، فكان، وسيبقى، مثالاً يحتذى وقدوة لمن بعده.