فاطمة المزروعي

بات من نافلة القول أن الطفل خلال تعليمه وتربيته يحتاج إلى الاحترام، احترام مشاعره وطريقة تفكيره وتفهم قلقه، وما يعتريه من مخاوف، وما يتعرض له من صراع نفسي، وهذا يقودنا إلى أن الطفل، وإن ظهر وكأنه لا يبالي أو لا يفهم محيطه والحياة التي يعيشها، إلا أن لديه حاجات حيوية ومهمة مثل الحاجة إلى الأمان والمحبة، فضلاً عن الحاجة للإعلاء من ذاته وقيمة نفسه وغيرها من الحاجات. من هذا المنطلق تأتي قيم ومبادئ حيوية ومهمة في مجال تعليم ورعاية وتربية الطفل مثل تعليمه كيف يعرف «الصح والخطأ»، بل كيف يعالج هفواته والأخطاء التي يقع فيها، وخير وسيلة في هذا السياق هي الحوار وفهم وجهة نظره، مع ما يظهر لنا من سذاجتها أو بساطتها، ثم الشرح له مطولاً، والعمل على إقناعه بأسلوب سهل وبسيط أين مكمن الخطأ. الطفل قد يوافق ويشعرك بأنه متفهم، وأنه قد أدرك وعرف خطأه، والحقيقة أنه يدعي هذا الإدراك، خوفاً من العقاب، وليس اقتناعاً وتفهماً، وهنا فرق جوهري وكبير بين قناعة الطفل وتفهمه وبين الرضوخ والخوف. القناعة تعتبر بمثابة غرس قيم جديدة بحب وألفة وحوار وتفاهم في قلب وعقل الطفل، أما الخوف يعتبر تراجع عن موقفه مع غضب داخل نفسه وعجز عن التعبير عما يراه ظلماً قد وقع عليه، وكما هو واضح، فإن النتيجة في نهاية المطاف ستكون مدمرة تشبه، لحد ما، البركان الذي يستعد للانفجار مع أول فرصة تسنح، وفي حالة الطفل، يكون الانفجار في أشكال وأنواع وسلوكيات مثل التمرد والعنف والانحراف. النهج السليم والصحيح هو التفاهم مع الطفل، والحوار والتحدث مطولاً، وعدم الملل أو التسفيه والتقليل من أفكاره ووجهات نظره، وإنما الاستماع له والشرح له، وتركه لفترة من الزمن ليفكر ويراجع قراراته. إن كنت تريد غرس القيم في قلب طفلك، فلا تلجأ للعنف، ولا للتهديد ولا للوعيد،اترك له مجالاً للتعبير ولاتخاذ قراراته، كبداية حيوية.. أشعره دائماً أنك تحترمه.

أخبار ذات صلة

هل أخطأ جيروم باول؟
العاصفة القادمة في العملات المشفرة