عبدالله النعيمي

من أسوأ الطباع التي يمكن أن يعتاد عليها أي إنسان، الانشغال بمراقبة الآخرين وتتبع زلاتهم.. يقول باروخ سبينوزا: «ما يقوله بولس عن بطرس، يخبرنا عن بولس أكثر مما يخبرنا عن بطرس».. وهذا ما يحدث على أرض الواقع فعلاً، فكل إنسان يُعرف بهذا الطبع الذّميم تتشوه سمعته بين الناس ويسقط من عيونهم.

لن أتوقف طويلاً عند هذه الجزئية في مقالتي هذه، وسأتجاوزها سريعاً إلى جزئية أراها أهم، وهي: الظروف التي تساعد على انتشار هذا الطبع السيئ، وتعمل على تغذيته، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، مقصود أو غير مقصود.

في بيئة العمل مثلاً، هناك الموظف المنشغل بأداء مهامه الوظيفية، وهناك الآخر المنشغل بتصيّد أخطاء غيره.

النموذج الأول، يعمل على إثبات جدارته من خلال تطوير كفاءته الإنتاجية، أما الثاني فيحاول إثباتها من خلال التظاهر بأنه الأحرص على مصلحة العمل، ويحاول ترجمة هذا الحرص من خلال نقل كل شاردة وواردة إلى المسؤول الأعلى في المؤسسة.

لا مشكلة طبعاً في وجود النموذج الأول، لأنه النموذج الطبيعي للموظف، لكن حتى وجود النموذج الثاني قد لا يمثل مشكلة لو فطن المدير إلى ضرره على بيئة العمل، وسارع إلى تمرير فكرة باروخ سبينوزا لجميع الموظفين.

حينها فقط سيدرك النموذج الرديء أنه مكشوف، ولن يجد مناصاً من الانكباب على مهامه الوظيفية محاولاً إنجازها، وسيترك الآخرين في حالهم، ينجزون أعمالهم في بيئة نظيفة يسودها الحب والثقة والشعور بالأمان.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟