سارة المرزوقي

ماذا يعني أن يحكم الشعب؟ وهل يمكن لشعوب عاشت في كنف الديمقراطية أن تلتزم بأسس الديمقراطية فعلاً لو أصاب مؤسساتها وهن، أو تنازلت ـ لسبب أو لآخر ـ عن لعب دورها في المشهد التنموي؟

الديمقراطية ليست الغاية على كل حال، بل وسيلة لتحقيق التنمية في المجتمع المدني، وبالتالي فإن جميع الناس على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم يتمتعون بالحرية التي توفرها الديمقراطية مع الالتزام بمبادئها في الوقت ذاته.

وهنا قد يتبادر إلى الأذهان السؤال الآتي: كيف نضمن التزام الفرد بمبادئ الديمقراطية بأقل درجة ممكنة من تدخل السلطة أو التحكم الخارجي؟ بمعنى، إلى أي درجة يمكن الاعتماد على الرقابة الداخلية للفرد عند ممارسته الديمقراطية بكل نزاهة ومصداقية؟ لا يتوقف التاريخ عن تقديم الدروس والعبر في كل زمان، لنفهم أنه يمكن للأمور أن تنحرف وتصبح خارج السيطرة، حتى في أكثر المجتمعات تحضراً وديمقراطية، لكن لو تجاوزها الشعب بنجاح فإن ذلك سيرتقي بالوعي الجمعي، إذ سيكون الشعب قادراً ـ عبر تجاربه ـ على تلمّس الطريق والبحث عن المخارج والحلول، ما يعني رتق ثغراته بنفسه، دون الحاجة إلى فرض سلطة خارجية تصحّح الأمور، وهذه من إيجابيات الديمقراطية بلا شك.

لكن لتحقيق ذلك، يستوجب أن يكون الحس الوطني في جميع فئات المجتمع بلا استثناء عالياً جداً، فيكون الصالح العام هو الأهم، والتنمية الحقيقية هي الغاية، ونبذ أشكال التطرّف فكراً وسلوكاً هو جوهر الديمقراطية، التي تجنح إلى السِلم وتتوسّم السِلم في الناس.

وهذا يعني أيضاً ترسيخ القيم الوطنيَّة في الأفراد في سن مبكّرة مع تدريبهم على ممارسة أشكال الديمقراطية في البيت والمدرسة لتحصينهم من العبثية والانفلات.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟