د. محمد عبد الستار

تعليقاً على زيارة رئيس أركان الجيش الموريتاني إلى الجزائر، قال بعض المحللين: إن «الجزائر تهرول باتجاه موريتانيا بسبب أزمة الصحراء بحثاً عن تقوية تحالفها مع نواكشوط»، لكن الحقيقة المجهولة في العلاقات الجزائرية الموريتانية، هي أنها متينة ومتميزة رغم الفتور الذي طبعها بين الحين والآخر.

وباعتراف الرئيس المؤسس لموريتانيا بعد استقلالها المختار ولد دادة في مذكراته، فالجزائر هي الدولة الوحيدة التي ساعدت موريتانيا الناشئة للوقوف على رجليها، وهي التي فتحت أبوابها للطلبة الموريتانيين في كل التخصصات، وهي التي تكفلت بتدريب كوادرها العسكرية أيضاً.

كما أن العُملة الموريتانية تم سكّها في الجزائر، وعندما قررت نواكشوط تأميم مناجم الحديد استشارت الرئيس الراحل هواري بومدين خوفاً من باريس، ولما تقرر التأميم وضعت الجزائر جيشها تحت تصرف الجيش الموريتاني. أي أكثر مما فعلت مع مصر في حرب 1973.

ولم تشهد العلاقات الثنائية توتراً مثيراً باستثناء بعض الحالات، ويتم لملمته في بضعة أيام، مثلما حدث عندما طردت موريتانيا قنصلاً جزائرياً بتهمة تسريب معلومات مضللة للصحافة عام 2015، أو مشاركة موريتانيا في قوة الساحل التي أنشأتها فرنسا عام 2017 رغم ارتباط موريتانيا مع الجزائر بقوة الميدان التي نشأت عام 2010، أو خلال إغلاق موريتانيا حدودها بسبب المهربين، وحتى بخصوص قضية الصحراء، الأمر الذي جعل موريتانيا تعلن حيادها في القضية.

صحيح أن المواضيع العسكرية مثيرة، والوضع الأمني في ليبيا ومالي والنيجر ونيجيريا يهم البلدين، والتعاون الثنائي ضروري بينهما لمكافحة فعالة للإرهاب، والجزائر تسعى لبيع إنتاجها العسكري لموريتانيا وبعض الدول الأفريقية، ولهذا قام وفد وزاري يضم وزراء الخارجية والصحة والمالية والتجارة بزيارة نواكشوط في يونيو 2020.

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟

وعرفت العلاقات الثنائية قفزة نوعية منذ فتح المعبر الحدودي عام 2018، وشيء طبيعي أن تراهن الجزائر على الموقع الاستراتيجي لموريتانيا من أجل تصدير بضائعها ومنتجاتها المختلفة إليها، ولدول غرب أفريقيا.

وتشكل المنتجات الجزائرية 20% من حجم الواردات الموريتانية، والجزائر قادرة في 2021 على زيادة صادراتها لموريتانيا إلى 50 أو 53 مليون دولار.

وفي المجال الإنساني أيضاً ترتبط الدولتان بعلاقات متينة، ففي مطلع يناير الجاري اتجه فريق طبي برئاسة وزير الصحة لنواكشوط للمساعدة في مكافحة كورونا، وقبله أرسلت الجزائر 3 دفعات من المعدات الطبية، وفي عهد الرئيس بوتفليقة تم مسح كل الديون الموريتانية لدى الجزائر.