منورة عجيز ـ أبوظبي

يتطلع عازف العود التونسي ومؤلف الموسيقى العربية، الفنان بشير غربي، إلى المشاركة في تجارب فنية وموسيقية جديدة بالإمارات، وذلك بعد نجاح مشاركته الأخيرة في الحلقة الأولى من سلسلة حلقات ملتقى العود العالمي الثاني التي يقدمها مهرجان أبوظبي للجمهور حول العالم عبر منصاته الرقمية.

وأكد بشير -أستاذ العود في تونس- أن مساهمته في المهرجان والمشاركات الفنية الأخرى، أكسبته كثيراً من الخبرات عبر الالتقاء والعزف مع الفنانين العالميين، الذين يعتبرهم بمثابة القدوة له في عالم الموسيقى، ومنهم نصير شمة، وأحمد القلعي، وعارف جمّن، وعبده داغر، وأيتاتش دوغان، وعبادي الجوهر، وغيرهم الكثير من العازفين والموسيقيين.

مشاركات عالمية



وعلى المستوى الفني، طرح بشير ألبومين مع أخيه التوأم محمد غربي، فيما نظم العديد من الجولات حول العالم منذ عام 2007 برفقة أخيه لتقديم عروض فنية متنوعة، كان أوّلها عرضاً بمناسبة افتتاح أكاديمية الفنون في الشارقة في 2008. كما شارك في العديد من الفعاليات الدولية، فضلاً عن مشاركاته كعازف منفرد على العود في الأوبرا الإيطاليّة خلال الأعوام من 2005 إلى 2007 مع الملحن والمايسترو الإيطالي الشهير «أنطونيو ماييلو».

يقول بشير لـ«الرؤية» «إن المهرجانات الفنية العالمية فرصة للالتقاء مع أبرز الفنانين بالعالم، ومنها مهرجان أبوظبي» مشيراً إلى أن ما ساعده على اكتساب الخبرة هو الانفتاح على جميع الألوان والأنماط الموسيقية من دون تعصّب.

أخبار ذات صلة

آنا دي آرماس.. مارلين مونرو في Blonde
كريس إيفانز يحلم بالمشاركة في حرب النجوم


مرونة في التعامل



وتابع بأنه يود أن يعبّر لمجموعة أبوظبي للثقافة والفنون عن «خالص الشكر والتقدير للجهد المبذول من جهتهم لإنجاح الملتقى العالمي للعود في دورته الافتراضية الأولى، وذلك على الرغم من صعوبة الوضع الصحي في جميع أصقاع المعمورة».

وأكد أن تنسيق المهرجان لم يكن بالأمر الهين في ظل تلك الظروف، التي تمثلت في صعوبة التنسيق بين عدة تفاصيل، في ظلّ ضرورة الامتثال للضوابط والبروتوكولات الصحيّة والتي تتغير باستمرار في جميع دول العالم، وهذا الأخير شكّل التحدّي الأبرز بالنسبة لإدارة المهرجان ومجموعة الفنون بأبوظبي.

وأعرب بشير عن إعجابه بالعقلية التعاونية ومرونة التعامل لدى إدارة المهرجان، لافتاً إلى تعرضه في بداية التحضيرات للمهرجان لكسر في القدم، وبالرغم من ذلك، ونتيجة لتحفيز إدارة المهرجان، تمكن من تسجيل مشاركته المتميزة في المهرجان العالمي، الذي ضمّ خيرة عازفي العود بالوطن العربي.

العرب والموسيقى



وعن مستوى الاهتمام بالفنون الإبداعية والموسيقى في الوطن العربي، قال بشير: «أعتقد أن الأمر مرتبط في المقام الأول بمدى المستوى الثقافي الذي وصل إليه الإنسان العربي في إدراكه للموسيقى من جهة، وثانياً بمدى اهتمام الهياكل الرسمية المعنية بالشأن الثقافي في وطننا العربي في تعزيز دور الموسيقى في عملية الرقيّ بالمجتمع من جهة أخرى».

وبحسب العازف التونسي، فإن الموسيقى وجميع الأشكال التعبيرية الفنية والثقافية الأخرى، تمثل البنية الفوقية للمجتمعات والدول، وكما يقال، الموسيقى مرآة الشعوب. «وفي هذا الإطار، لا بد من العمل على توعية الإنسان العربي بمدى أهمية المادة الموسيقية والفنية في تطوير ملامحه الثقافية والاجتماعية، والتي من خلالها يمكن لهذا الأخير أن يقدّم نفسه للعالم كفكر عربي متميز ومتفرّد بعناصره الثقافية»

وأردف غربي أن الإمارات متجهة في ذلك المسار، وهي تُعتبر من الدول الرائدة عالمياً في المجال الثقافي، وخير دليل على ذلك هو تنظيمها لهذا الملتقى العالمي الذي يُعرّف بآلة العود باعتبارها رمزاً قديماً في تاريخ الموسيقى العربية، يعود أصله إلى 2500 سنة قبل الميلاد.

يسعى «مهرجان أبوظبي» إلى عولمة تلك الآلة كمثيلاتها في البلدان الغربية، «ويعد ذلك مثالاً من بين عدة أمثلة أخرى تبين لنا مدى اهتمام دولة الإمارات بالفنون والموسيقى واعتماد استراتيجية لها تؤسس للأجيال المقبلة».

بدايات

وتطرق بشير غربي إلى بداياته الفنية، فقال إن مدينة بنزرت في تونس، علّمته حبّ الموسيقى وآلة العود مبكراً، حيث تعلمها على يدي أستاذه «محرز حريّب» الذي توفي قبل أعوام، ولكن جذوة حب الموسيقى استمرت مشتعلة.

وتابع بقوله: مررت بجميع المراحل التعليمية حتى وصلت إلى الدكتوراه. وخلال تلك السنوات، حققت عدة نجاحات والإنجازات بدءاً من مرحلة الطفولة. حيث حصلت على المركز الأوّل على المستوى الوطني في 4 مناسبات في إطار مسابقات العزف المنفرد على العود في الوسط المدرسي. وقد حالفه الحظّ أن كان أصغر عازف عود تونسي يشارك في الأوركسترا السمفونية التونسيّة (16 سنة) تحت قيادة المايسترو الراحل أحمد عاشور، كما حصل على الجائزة الدولية الأولى (التانيت الذهبي) في العزف المنفرد على العود على مستوى العالم العربي عام 2021، تحت رعاية وزارة الثقافة وبإشراف رئيس لجنة التحكيم الدولية الفنان العالمي نصير شمة.

وحصل عازف العود كذلك على «التانيت الفضّي» عام 2015، برفقة أخيه التوأم محمد الغربي، عازف الكمان، وذلك في مسابقة المجموعات الموسيقية على المستوى العربي والأفريقي في إطار أيام قرطاج الموسيقية.

كما فاز كذلك بالجائزة الدولية الثالثة عام 2018 في المهرجان العالمي للمقام بأوزباكستان بمشاركة 74 دولة، وشارك في تسجيل «صولوهات» العود في موسيقى العديد من المسلسلات والأفلام.

ورغم مساوئ جائحة كورونا في حياة الموسيقيين، فإن بشير استطاع في أوقات فراغه أن يمارس تمارين التأمّل والابتكار والمطالعة، كما عمل على تطوير مهاراته الفنية التقنية.