مرضى لا أكثر!!

في الوطن العربي برمته تنتشر كثير من المفاهيم الخاطئة كلياً، أو ظواهر وحالات ما زالت تفسيراتها القديمة التي تلصقها بأمور خارج العادة أو المألوف، سائدة ومنتشرة دون النظر إلى الواقع العلمي وتطورات العلوم والمخترعات والتي حملت الكثير من الإجابات المقنعة بل والعلاجات. لعل ميدان علم النفس من أوسع الميادين التي يمكن ملاحظة أنه عالج وأجاب على كثير من المفاهيم الخاطئة. حيث وضع العلماء اليد على كثير من الاكتشافات تتعلق بالنفس البشرية ومدى إصابتها بعدد من الأمراض النفسية التي قد تؤدي إلى أمراض جسدية فيما بعد، لكن الغريب أنه فعلاً توجد عدد من الحالات التي تم تقييمها وتشخيصها ووصفها بل وتم تقييمها ووضع العلاج لها، رغم أنها التصقت بتاريخ طويل جداً مع الإنسانية، التي فسرتها بأنها من الأرواح الشريرة، لعل من الشواهد في هذا السياق حالات نفسية نادرة ولا تكاد تصدق، كمرض «الببلومانيا» وهي ببساطة حالة من إدمان جمع الكتب، وليس من الضرورة أن الشراء المبالغ فيه للكتب يكون بهدف القراءة والاستفادة، وهناك حالة نفسية لطالما فسرت لدينا بأنها نوع من تلبس الجن أو الأرواح الشريرة كما في ثقافات أخرى، فجاء علم النفس وفندها وشخصها وأبلغ البشرية بأنها حالات مرضية يمكن علاجها، مثل ما يسمى بتداخل الحواس وعلميا تسمى «السيناستيجا» وهي رؤية المريض ألواناً معينة وفي أحيان يسمع بعض الأصوات. بل عندما تكون في معرض تشكيلي أو معرض فني أو في متحف، أو في حفل، وتسمع بشخص قد وقع مغمىً عليه فلا تستغرب لأن هذه الحالة النفسية تم تشخصيها أيضاً وتم معرفة جوانبها، وتسمى بصدمة الفن الراقي. لكن من أكثر الأمور غرابة الحالة التي عرفت باليد الغريبة، وهي رفض إحدى اليدين التناغم مع اليد الأخرى أو تعمل بأسلوب مغاير ومستقلة والعلم الحديث شخص هذه الحالة العصبية وعرفت طبياً باسم (DR. Strangelove Syndrome). وهناك حالة مرضية لطالما قيل عن كل من يصاب بها إنه مجنون وهو عندما يتوهم بأن أحد معارفه أو أقربائه تم استبداله أو تلبس به كائن آخر وهي حالة توهم تدعى Capgras Delusion وخلالها يكون المريض نفسياً مقتنعاً تماماً بأن التغير الذي أصاب هذا القريب وجعله أكثر قسوة مثلاً يعود إلى سبب استبداله بشخص آخر. غني عن القول إن بعض هذه الحالات كان يقال إن من يصاب بها تلبسه جني أو مسحور أو أصابته العين، وكما هو واضح أنه مرضي لا أكثر.