علي الهنوري الظاهري

ليس من الهيّن أن تتولى الحكومة الاتحادية قلب موازين الحياة الإجتماعية بين عشية وضحاها، في مجتمع ساد فيه الفكر دائماً، بأن الوظيفة الحكومية هي البيت الآمن للحياة في المجتمعات الخليجية بشكل عام، والنمط السائد لدى معظم الأسر رغم النجاحات الكبيرة التي حققها كثير من المواطنين في القطاع الخاص، إلا أن النسبة الأكبر في هذا المجال بيد الأجانب بحكم الكثافة السكانية الأجنبية والتسهيلات التي قدمتها لهم الدولة استفادوا منها في مختلف جوانب الحياة.

يعد القطاع الخاص منجم ذهب مفتوحاً للجميع، ومن يكسب يزداد ربحه واستثماراته، لكن الأجانب من يخسر منهم يعود إلى موطنه، أو يبقى للاستثمار في مجال جديد، بينما المواطن يبقى حائراً، أمام الوظيفة الحكومية التي توفر له كل مقومات الحياة والمستقبل المضمون أو الدخول في القطاع الخاص ويحقق الربح المعقول أو يخسر ويفقد مستقبله بسبب الضبابية وعدم وضوح الرؤية من الجهات المعنية حيال الموظف المواطن الذي يعمل بالقطاع الخاص، مع عدم وجود المظلة الحقيقية التي ترعاه وتنتشله إذا سقط، لذلك كان معظم الشباب يقفون حائرين أمام الاختيار!

من المفترض أن تكفل حقوق المواطنين المادية والقانونية والتشريعية، فهناك حالات تم إنهاء خدماتهم وتهميشهم من دون سبب واضح، كالذي يعمل حالياً في القطاع الخاص بسبب فقدان المظلة الراعية الحقيقية لضمان ثبات المواطنين في القطاع الخاص.

أما اليوم، فالدولة رمت الكرة في ملعب الشباب وهي من ترعاهم وتدربهم وتؤهلهم وتقف معهم وتمنحهم كل الامتيازات ، وتمنحهم المفتاح الذهبي للدخول في عالم الاقتصاد والتجارة والاستثمار بخطى ثابتة وواعية، مدركة تماماً الاستراتيجية المستقبلية للخمسين عاماً المقبلة.

وما أعلنته حكومة الإمارات عن إطلاق الحزمة الثانية من المبادرات والمشاريع الاستراتيجية ضمن مشاريع الخمسين، وتخصيص 24 مليار درهم لاستيعاب 75 ألف مواطن في القطاع الخاص خلال 5 سنوات مقبلة، مع وضع نسب مستهدفة لوظائف المواطنين في القطاع الخاص، تبدأ النسب بـ2% وتتزايد بالنسبة نفسها سنوياً لتصل إلى 10% بعد 5 سنوات، وتأتي الحزمة الثانية من «مشاريع الخمسين» لتسهم في صناعة دورة جديدة من المشاريع الاستراتيجية باعتبارها أولوية وطنية قصوى لحكومة الإمارات، والعامل الأساسي لضمان الحياة الكريمة لشعبها والأجيال القادمة.


أخبار ذات صلة

هل أخطأ جيروم باول؟
العاصفة القادمة في العملات المشفرة