جهاد العبيد

أوقعت الولايات المتحدة وحلفاؤها الذين يمثلون 70% من الاقتصاد العالمي، عقوبات على روسيا هي الأضخم في التاريخ، عقوبات قاسية شملت الأنظمة المالية والصادرات والرياضات وحتى الثقافة وسلالات القطط، نعم استثنت قطاع الطاقة والذي يبدو أنه سيتم تأجيله فقط حتى تستطيع أوروبا ترتيب بعض البدائل بالتزامن مع الارتفاع المهول لأسعار النفط والغاز.

تمادت هذه العقوبات وطالت أي شخص يحمل الجنسية الروسية وشددت كثيراً في تطبيقها، فقد صادرت أوروبا اليخوت وجمدت أموال المستثمرين ووصل الأمر أن مستشفى في ألمانيا أعلن عدم استقباله المرضى الروسيين، بالتأكيد هذه العقوبات التي جمدت أكثر من 300 مليار دولار من احتياطيات البنك المركزي الروسي مؤلمة ومؤثرة جداً ولكنها لن تجعل الدب الروسي يسقط على المدى القصير، فروسيا تراهن على أمرين: فرض الأمر الواقع ثم التفاوض أو تغيّر جيوسياسي غير محسوب يخفف عنها وطأة هذه العقوبات، مستندة على أزمة اقتصادية عالمية بسبب تداعيات جائحة كورونا

وأثناء هذا التوتر يبرز موقف الدول المحايدة التي لديها استثمارات متبادلة مع روسيا من هذه العقوبات، وكيف يمكن حل هذا النزاع القانوني المقبل مع الطرفين؟

نحن لا نتحدث عن عقوبات ذات قيمة ضئيلة كالتي سُنّت على إيران أو كوريا الشمالية، بل هناك صادرات عسكرية وغذائية وصناديق استثمارية ضخمة يجب التفكير بها، فعلى سبيل المثال التبادل التجاري بين روسيا والصين يبلغ 140 مليار دولار لن ترميه بكين هكذا بكل بساطة رغم أن تبادلها مع الغرب أضعاف هذا الرقم، ودول مثل البرازيل أعلنت حيادها وأنها غير معنية لا بالأزمة ولا بالعقوبات، وقس على ذلك دول الخليج وأفريقيا وآسيا الوسطى، وهو ما سيولد صداما سياسيا وقانونيا إن لم تحصل هذه الدول على بعض الاستثناءات كما حصلت عليها كوريا الجنوبية.

أخبار ذات صلة

هل أخطأ جيروم باول؟
العاصفة القادمة في العملات المشفرة

لا شك أن الهيمنة الغربية لا يمكن منافستها، ولكن يجب عليها أيضاً أن تتحلى بالمسؤولية تجاه شركائها ورعاية مصالحهم، فالجميع يعلم أن ردة الفعل الغربية على التحرك الروسي ضخمة جداً والهدف منها الإطاحة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر من نصرة القضية الأوكرانية.

هذا الهدف لا تشترك به ولا يعني بقية الدول، رغم إعلانها صراحة رفض أي اجتياح لدولة لأخرى مهما كانت الأسباب، إلا أنها لا تريد أن تُفرض عليها مقاطعة أو عقوبة تؤثر عليها اقتصادياً وتمُس سيادتها مما قد يوقعها في حرج مع شعوبها، خصوصاً أن هذه العقوبات لم تخرج مُلزِمة من مجلس الأمن، وقد يتحول الأمر من تعاون إلى ابتزاز يهز الكثير من مفاهيم العولمة الاقتصادية والتنافس المفتوح.