وام

افتتحت اليوم الخميس، مكتبة محمد بن راشد، المنارة الثقافية الجديدة في دبي ودولة الإمارات، أبوابها للجمهور لأول مرة، بعد تدشين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، للمكتبة.

وتنقسم المكتبة إلى 9 مكتبات رئيسية بجانب المرافق الحيوية والمسارح والقطاعات المختلفة، وتحتوي على إحدى العجائب الثقافية والإنسانية وهو معرض كنوز المكتبة أو ما يعرف بـ«ذخائر الكتب»، ويُعد متحفاً ثقافياً حضارياً يضم مجموعة فريدة من الكتب والأطالس والمخطوطات النادرة والقديمة، التي يعود بعضها إلى القرن الثالث عشر للميلاد.





جولة ثقافية

أخبار ذات صلة

«إصدارات أدبية تسجل تاريخ الوطن» ندوة بالأرشيف والمكتبة الوطنية
«دبي للثقافة» تدشن «التبدّل والتحوّل» في مكتبة الصفا

وقال الدكتور محمد سالم المزروعي، المدير التنفيذي لمكتبة محمد بن راشد: إن متحف ذخائر الكتب يضم مجموعات تاريخية وكنوزاً نادرة من الحضارة الإسلامية، وأدوات الكتابة، والمجلدات والقصاصات بكل اللغات، وأدب الرحلات والخرائط والأطالس، وكتباً سماوية نادرة ومجلدات عن الأديان، داعياً الزوار من مختلف الفئات للاستمتاع بالجولة الثقافية المهمة.

ويحتوي المتحف على مجموعة نادرة من الوثائق والمجلدات من بينها أول طبعة للقرآن الكريم باللغة العربية صدرت في هامبورغ عام 1694، كما كشفت المكتبة عن أحد كنوزها النادرة، وهي الطبعة الأولى من مجلدات «وصف مصر»، الأصلية عن لجنة العلوم والفنون المصرية، وهو سجل موسوعي للآثار المصرية والتاريخ المصري في القرن الثامن عشر، طبع في الأعوام 1809- 1828، وتمت كتابته وتجميعه إبان الحملة الفرنسية على مصر للقائد الفرنسي نابليون بونابرت، ويحتوي على العديد من الرسومات التي تصور مصر قديماً وحديثاً، بالإضافة لتقارير عن مواضيع مختلفة مثل اللغة والزراعة والموسيقى والتاريخ الطبيعي، ولاحقاً تم تكليف فريق ضخم يضم أكثر من 2000 فنان ونقاش لاستكمال العمل بغية إثراء المحتوى وتنويعه أكثر فأكثر، وتم إيداع الطبعة الأولى منه في خزانة استثنائية تم تصميمها من خشب الماهوجني بأسلوب مستوحى من أعمال صانع الخزائن الباريسي الشهير تشارلز موريل.



الطبعات الأولى

وضم متحف «ذخائر الكتب»، الطبعات الأولى من كثير من كتب الرحلات إلى الجزيرة العربية وكتب وصف منطقة الشرق الأوسط، ومجموعة ثمينة من الخرائط الأوروبية والعثمانية للجزيرة العربية من القرن الخامس عشر إلى القرن التاسع عشر، من بينها خريطة بطلمية مذهبة وملونة للجزيرة العربية مطبوعة في عام 1482، إضافة إلى مجموعة متنوعة من الأطالس التي تم انتقاؤها بعناية، من بينها أطلس نادر عن النجوم وأطلس بحري وأطلس عن الخيول والصقور.

وكشفت مكتبة محمد بن راشد عن عددٍ من أبرز المقتنيات الأصلية والكتب النادرة ومنها صحيح البخاري من العهد المملوكي، للإمام المحدث محمد بن إسماعيل البخاري، وهذه النسخة مكتوبة بخط النسخ، بواقع ثلاثة عشر سطراً في الصفحة.

وكذلك نسخة أحمد بن البدر بن محمد بن عويس المعري الموقر، والذي استخدم المداد الأحمر والأزرق للكلمات الرئيسية بالصفحات، بينما نفذ العناوين بالتذهيب وللمخطوط افتتاحية مزخرفة بالتذهيب والألوان المتعددة ومحفوظ بغلاف بني مختوم.



أدوات الخطاط

واحتوى المتحف على ركن خاص يحكي قصة «أدوات الخطاط»، حيث احتل الخط العربي تاريخياً مكانة رفيعة لدى المسلمين باعتباره الوسيلة الأساسية لحفظ القرآن الكريم ونشره، مما جعل الخطاطين يحتلون بدورهم مكانة مرموقة في العالم الإسلامي، وعبر لوحة صغيرة كتب عليها معلومات عن الخطاطين، كما تنقل الأعمال الفنية المعروضة في هذا القسم إلى البيئة التي كان يعمل فيها الخطاطون في ذلك الزمان، بما في ذلك الأقلام والسكاكين وألواح التقطيع والمقصات وصناديق التخزين وصناديق الأقلام والمقلمات والمحابر.

وتعتبر عملية تطور الخط العربي الذي كتبت به آيات القرآن الكريم أهم إنجاز فني ميَّز الحضارة الإسلامية في مراحلها التكوينية، حيث كان محفزها الرئيسي هو الاهتمام بنسخ آيات القرآن بصورة جميلة، مما أدى إلى ازدهار غير مسبوق لفنون الكتابة في الأراضي الإسلامية بداية من القرن السابع الميلادي.

نماذج مختارة

في إحدى الزوايا يلفت الانتباه نماذج مختارة من مقصات الورق من العهد العثماني، القرن الثامن عشر الميلادي، وهي عبارة عن مجموعة من المقصات ذات الشفرات الطويلة، تستخدم لقص الورق مصنوعة من النحاس والصلب والحديد حيث تم ترصيع بعض الأسطح أو كسوتها بالذهب أو غيره من المعادن.

تم سبك العديد من المقابض على شكل نقشتين متقابلتين لكلمة «يا فتاح»، أحد أسماء الله الحسنى.

وتشتمل المعروضات على نماذج مختارة من سكاكين الأقلام من العهد العثماني، الثامن عشر الميلادي، وتستخدم سكين الخطاط في قص وتشكيل وصيانة أقلام القصب والخيزران.

عادة ما تكون الشفرة مصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ، مع مقابض مزخرفة أو عادية، وغالباً ما تكون مرصعة بأحجار اليشم والمرجان والعاج والصوان والحجر وخشب الورد.

كما يمكن للزائر مشاهدة لوحة على صفحة واحدة مع نص مكتوب بالخط الفارسي، تصور شيخاً يجلس على الأرض، عن يمين شجرة تتوسط اللوحة، محاطاً بمجموعة متنوعة من الطلاب والمريدين، في طبيعة صخرية ومناظر جبلية مع بعض الحيوانات.





منمنمة مغولية

ويشاهد الجمهور منمنمة من العهد المغولي، أواخر القرن الثالث عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي، وهي لوحة على صفحة واحدة لحلقة درس في الخلاء، يظهر فيها المدرس جالساً على الأرض في منتصف اللوحة، حيث يقوم بإعطاء درس لأميرة هندية برفقة خادماتها، وزخرف إطار اللوحة بنقوش مورقة مذهبة.

وتجذب الانتباه لوحة «رب يسر» بالخط العربي، 1438هـ، حيث صممت على هيئة «مسودة» أو ما يعرف بالتركية بـ«القرلمة»، دعاء: «رب يسر ولا تعسر، رب تمم بالخير» بتوقيع آيدن غازي.. زُخرف إطار اللوحة بنقوش مورقة على الطراز العثماني التقليدي.

كما عرضت المكتبة رقعة جلد من القرآن الكريم من آسيا الوسطى تعود إلى القرن الـ14 الميلادي، سورة هود (من الآية 28) مكتوبة بالخط الريحاني.

وضعت علامات التجويد بالحبر الأحمر، ونفذت فواصل الآيات على شكل وردات سداسية مذهبة متعددة الألوان ومحددة بحبر داكن، كما شغلت مساحات خوارج النص بحليات زخرفية مذهبة مرقمة بالخط الكوفي لبيان الأخماس والأعشار.

وعرضت مكتبة ذخائر الكتب، «الشجرة النبوية في نسبة خير البرية»، عن العصر العثماني، ما بين القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجري/ السابع عشر والثامن عشر الميلادي، وهي عبارة عن شجرة نسب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كتبها العلامة الحنبلي يوسف بن عبدالهادي بن المبرد (المتوفى سنة 1003/909م) بخط النسخ، مزخرفة بوردات مذهبة محددة بالحبر الداكن، وتمت تحلية الواجهة بزخارف ملونة.