د. علي بن حمد الخشيبان

تهمنا دولة لبنان نحن العرب بقدر كبير.. ولو كانت تركيبتها السياسية وفسيفساؤها بكل هذا التعقيد، الذي يشعرك وكأن هذا البلد بطوائفه وتنوعه لا يمكن أن يكون مستقرا موحداً أبداً، أو متحررا من رائحة الغرباء وتدخلهم وتحديدا إيران، التي زرعت في لبنان ميليشياتها تحت ذريعة حزبية سياسية ومذهبية مقيته.

إن الوضع اللبناني استنادا إلى جغرافيته وديمغرافيته عملية معقدة، وهذا ما سمح لتلك الهويات المتعددة على أرض لبنان أن تتنفس بعيدا عن مصلحة لبنان الوطن الواحد.

كل ما يريده اللبناييون اليوم هو محاولة جادة لإعادة تعريف البلد على المستوى الإقليمي والدولي، لأن تعريفه الحالي لا يمكن فهمه، بل إن كل طائفة تريد لبنان أن تُفصل على مقاسها وحدها فقط، حتى أن أحدهم قال: «أن لبنان بحاجة إلى حكومة جميع أفرادها من مرجعيات متعددة في ذات التوقيت»، وبمعنى أدق يقال أن لبنان كي يعيش بصورته الحالية فعليه أن يحكمة (رئيس وزارء سني أبوه شيعي وأمه مسيحية وزوجته أرمنية)، وهذا تعبير دقيق رغم فكاهته عن لبنان الهويات المتزاحمة، وليس لبنان الوطن المستقل والمنشود.

حلول لبنان ليست في متناول أحد مع هذه التركيبة المتداخلة من الطوائف والهويات، ولكن على الجانب الاخر من المعادلة، يتساءل العالم عن هذا البلد الذي يتميز بمستوى تعليم متقدم، وشعب ماهر، ومع كل هذه الإمكانات لدى الفرد اللبناني إلا انه لا زال يعيش في كنف طائفيته وهويته، يبدو أن كل شي يمكنه أن يتغير أو يتطور في لبنان سوى الوعي السياسي لدى الفرد اللبناني، أما حلول هذه المعادلة اللبنانية فهي من المستحيلات التي يطرحها العالم على لبنان.

فهل هناك من أمل؟.. نعم، دولة لبنان ليست مضطرة لانتظار الموت حتى تتغير معادلاتها الطائفية، فلابد أن يستثمر الشعب اللبناني اليوم قدرته التي برزت فجأة وصار مهئيا للتحكم بقدره السياسي ولو عبر المظاهرات.

إن الشعب اللبناني اليوم يتحمل مسؤلياته ولم يعد الزمن متاحا لتلك القوى المتحكمة فيه أن تملى من يستحق ومن لا يستحق، ومهما كانت النتائج إلا أن الشعب اللبناني القادم من قاعدة الهرم السكاني استطاع أن ينفذ أول الفتحات والتصدعات في جدار تعقيداته السياسية.

أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»