مصطفى طوسه

بعد اعلان إيران عن تقليص التزاماتها بمقتضيات الاتفاق النووي، سارعت دول الاتحاد الأوروبي للتعبير عن تنديدها بهذا التصعيد، وأطلقت بيانات تدعو السلطات الإيرانية إلى العودة عن قراراتها والالتزام الفعلي ببنود الاتفاق، فجاءت النبرة المستعملة خليط من التهديد المبطن والخوف المعلن من نوعية الخيارات التي بدأت تلوح في الأفق، في حال استمرت السلطات الإيرانية في استراتيجية القطيعة والتحدي.

وتفاديًا لتبني مواقف أنية وساخنة فضلت دول الاتحاد الأوروبي، حتى الساعة، الاستناد إلى تقارير واستنتاجات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي أصبح من مسؤوليتها تحديد بطريق علمية مدى تملص إيران من التزاماتها ومدى توجهها وقربها من حيازة المواد والتقنية للحصول على السلاح النووي.. فالدول الأوروبية تعتبر تقرير الوكالة الدولة كغطاء شرعي لخطواتها المقبلة، سواء تعلق الأمر بالانضمام إلى نظام العقوبات الدولية، الذي تفرضه حاليا إدارة الرئيس دونالد ترامب على طهران أو الاستعداد لسيناريوهات أخرى.

الإعلانات الإيرانية بخصوص رفع نسبة تخصيب اليورانيوم جاءت متزامنة مع الإعلان عن فرض عقوبات اقتصادية أمريكية على محيط المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، في إطار عملية شد حبال أمريكية وإيرانية يتم من خلالها تبادل رسائل التحدي والمناورة وجس النبض.

كما جسدت هذه المواقف الإيرانية فشلًا لمختلف الوساطات التي حاولت جمع الأمريكي والإيراني على طاولة مفاوضات، وفي مقدمتها محاولة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي نال حقه من الانتقادات اللاذعة من طرف المرشد الأعلى على خامنئي عندما وصفه إما بالساذج جدا أو المتواطئ مع الأمريكيين.

مواقف طهران قد تفرض على دول الاتحاد الأوروبي التفكير في استراتيجية بديلة عن تلك التي تبنتها حتى الآن، والقاضية بلعب دور المحامي المستميت عن الاتفاق النووي الإيراني بحجة الخوف من الفراغ الأمني والسياسي، الذي قد ينتج عن عملية التنصل من تفاهماته، وتعبيد الطريق لسيناريوهات الحرب المفتوحة والانفجار الشامل.

اليوم دول الاتحاد الأوربي تنظر إلى المقاربة الأمريكية لمعالجة الأزمة الإيرانية من خلال رؤية ذات شقين، الأول: يهدف إلى ممارسة اقسى العقوبات الاقتصادية على إيران، وخنق قدراتها المالية والعسكرية، والثاني يقضي بإضعاف نفوذ الوكلاء في المنطقة كما يجري حاليا مع حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق والحوثي في اليمن.

أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»