عباس ناصر ـ كاتب صحافي، البحرين

شهدت منطقة الخليج العربي طفرة هائلة في مجال البناء والتطوير في السنوات الأخيرة، وقد جاءت هذه الطفرة شاملة للمجالات الحيوية والمهمة في مجتمعاتنا الخليجية، حيث فرض علينا اكتشاف النفط نمطاً للحياة مختلفاً، وصرنا دولاً يُحسب لها في وسط هذا العالم الكبير والمتشابك، ومن هنا صغنا إرادتنا باعتبارنا شعوباً تطمح لمواكبة ما يشهده العالم من تغيرات، بل وأن نكون لاعبين أساسيين، ولنا وجود ضمن الصانعين لهذا التغيير.

الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين قد بدأتا مبكراً في الالتفات لهذا الأمر، وقد التقت إرادة البلدين الشقيقين في ضرورة تنمية إنسان هذه الأرض والاهتمام بحاضره ومستقبله، فكان لا بد من وجود الرؤية الواضحة لتحقيق ذلك. الرؤية المتزنة التي رسمتها القيادتان الرشيدتان نحو بناء مجتمعات قوامها الحداثة والتطوير ذات جذور تاريخية أصيلة استولت على اهتمام دول العالم المتقدم وحتمت الحضور الفاعل للدولتين في كل المبادرات الأممية المهمة، ومن بين هذه المبادرات خطة التنمية المستدامة 2030.

ولتكون الصورة أكثر وضوحاً للقارئ الكريم، تتبلور فكرة هذه الخطة في أن تلتزم الحكومات حول خطة عمل موجهة لازدهار الناس والمجتمعات في أكثر الجوانب التي تمس حياتهم، متضمنة 17 هدفاً متكاملاً وغير قابلة للتجزئة لتحقق التوازن بين أبعاد التنمية المستدامة الثلاثة وهي: البعد الاقتصادي والبعد الاجتماعي والبعد البيئي.

ولعله من الملفت أن قطاع التعليم يحتل مساحة مهمة، بل ويُعتبر أهم عامل أساسي في خطة التنمية المستدامة، وتدور حوله جميع الأهداف والرؤى، حيث تحظى جميع المبادرات والبرامج الخاصة بالتعليم باهتمام خاص في دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، وشهدتا على أثره نجاحات حازت على إعجاب دول عديدة قد قطعت مسافة طويلة في تطوير القطاع التعليمي والتربوي، وهو أمر يستحق الإشادة والبيان بلا شك.

ومن أهم تلك النجاحات الملفتة، القدرة على ترسيخ مبدأ المساواة بين الجنسين في حق التعليم في المجتمع، وكذلك مجانية التعليم للجميع من دون تمييز أو تفرقة، كما نجحت الدولتان في تضمين عملية التعليم مبادئ عالمية سامية وجعلها في صلب المهارات الأساسية للمنهج المدرسي مثل التسامح وتحقيق النمو التام لشخصية الإنسان واحترام اتجاهاته وخصوصياته.

وهي مبادئ مهمة يرتكز عليها بناء شخصية المتعلم ليكون فاعلاً في محيطه ومع العالم.

أخبار ذات صلة

فلتتوقف الحكومات عن خفض أسعار البنزين!
الدور الرئيسي لإزالة الكربون واللامركزية والرقمنة في تحول قطاع الطاقة


هذا، وسنشهد تنسيقاً في القريب العاجل بين وزارتي التربية والتعليم في كلا البلدين لتعزيز العمل المشترك في مجال تحقيق أهداف التنمية المستدامة فيما يتعلق بهدف التعليم، وسيتم الترتيب لعقد زيارات تبادلية للاستفادة من الخبرات والممارسات الناجحة في هذا المجال ما بين البلدين.

وقد أشادت دولة الإمارات بالمبادرة النوعية تلك التي أطلقها سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية ومستشار الأمن الوطني، وهي إلغاء الواجبات المدرسية والاستعاضة عنها بالتطبيقات العملية داخل المدارس، ووصفها معالي حسين الحمادي وزير التربية والتعليم، بالتجربة الفريدة التي تواكب التوجهات العالمية، والتي تتيح للطالب الحرية الكاملة لتطوير هواياته وإبداعاته، بما يسهم في تنمية شخصيته.

كما تضمنت المبادرة تخصيص حصة قراءة يومية من شأنها الإسهام في تنمية معارف الطالب وتكوين شخصيته وقد أثمرت هذه المبادرات فوز المملكة بالعديد من الجوائز من بينها مسابقة تحدي القراءة التي تقام في دولة الإمارات العربية المتحدة.

في الختام، الطريق نحو الريادة يحتاج إلى عزيمة وإرادة، وقد التقت إرادة البلدين الشقيقين نحو التطوير والبناء، وسيكون النجاح حليفنا بإذن الله تعالى.