عبد اللطيف المناوي

أسوأ أنواع التغيير هو ذلك التغيير الشكلي، الذي لا يقترن بالأفكار أو بأساليب معالجة الأزمات، وكذلك طبيعة التعامل بين السلطة من جانب، والشعب من جانب آخر.

يدور حديث لا يتوقف عن التغيير كمفهوم وأسلوب حياة، ويمكن القول إن المبشرين بالتغيير مُحقون في الأهداف التي ساقوها في حديثهم عن تغيير في السياسات، فقد نختلف معهم في بعض الآليات والإجراءات، لكننا نتفق بالتأكيد مع ضرورة وفلسفة التغيير نفسها.

إن طوق النجاة للأنظمة السياسية، وتطورها، لمواكبة التحديات الصعبة في الحاضر والمستقبل، هو قدرتها على صياغة مفهوم حقيقي وواضح للتغيير، والذي لا يولي بالضرورة نسف الواقع واستبداله بواقع جديد، وإنما مفهوم يقود الواقع للتغيير.

أهمس في آذانهم جميعاً: إن التغيير هو فعل حتمي، إما أن تقوده أو يقودك، وتجارب العالم من حولنا تؤكد ذلك، فكم من نظام عالمي أو أممي قاد شعوبه بالتغيير للتغيير، وكم من زعيم أو رئيس أو ملك أو حتى رئيس وزراء قاد شعبه إلى بر النجاة بالتغيير.

والتجارب سهل الوصول إليها، وأسعد بشكل شخصي عندما أسمع أحد المسؤولين هنا يتحدث عن استلهام تجربة عالمية لإحداث تغيير أو تجديد في ملف تابع له، لكنني في الوقت نفسه أحزن لأن كلامهم عادة ما يكون مبنياً على أحلام يستحيل تطبيقها، بسبب فقه الأولويات مرة، وعدم الدراسة في مرة أخرى، وقلة الإمكانيات في مرة أخيرة.

أقول كذلك إن تجديد الدماء أو إدخال ملامح مختلفة من داخل المجتمع في هيكل الحكم والإدارة هو ذلك المستوى من التغيير الذي أتحدث عنه، المهم أيضاً أن نؤكد على أن التغيير لا ينسف الاستقرار، بل سيؤدي إليه حتماً، فالاستقرار بمفهومه الأشمل يرتبط بتبني أفكار مرتبطة بمفهوم التغيير كأسلوب ووسيلة، وهذه نقطة أساسية أعتقد أنه ينبغي إعمالها في السلوك والتصرف لمن أراد من النظم الحفاظ على استقرار مجتمعه.

أخبار ذات صلة

الأزمة الجزائرية ـ الإسبانية.. والرّسَالة المُوريتانية
السعودية وأمريكا.. «زيارة الحقيقة»


أخيراً، أتصور أن المبشرين بالتغيير يدركون ما أقوله، كما أتصور أن قادة هذا التغيير يدركون أيضاً ما أقوله، قد تكون المشكلة في نقطة الانطلاق والقدرة على الاستمرار في التغيير، وهو تحدٍ صعب وحقيقي، فإن نجح نجونا جميعاً.