سلامة الكتبي ـ الشارقة ‍

حذر خبراء طقس وسكان مناطق جبلية في الدولة كلاً من السياح ومرتادي تلك المناطق من الاقتراب من «المغارق»، وهي برك المياه التي تكونت عند مصبات الأودية بعد توقف سقوط الأمطار، واصفين إياها بــ«مصائد الموت الصامتة».‍

وأرجعوا هذه التسمية إلى أسطحها التي تعطي انطباعاً بضحالة وركود مياهها، بينما تفوق خطورتها مياه الوديان كونها تتكون من تيارات مائية جارفة تسحب بسرعة كبيرة من يدخلها إلى التجويفات الصخرية العميقة ما يؤدي لغرقه ووفاته، وعدم طفوه على سطح مياهها العذبة التي تختلف كثافتها عن مياه البحر.‍

6 حالات وفاة وإصابة لأطفال غرقاً

وشهدت مغارق شوكة وحتا 6 حالات وفاة وإصابة واحدة لأطفال من جنسيات عربية وآسيوية وخليجية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، في حوادث منفصلة، إذ توفيت طفلة مواطنة تبلغ 6 أعوام للغرق ببركة مياه بشوكة بعد أن استغفلت أهلها وتوجهت للعب بالمياه، وبعدها بأسبوعين تعرضت طفلة مواطنة وابنة عمها للغرق بعد أن توجهت للسباحة بالمياه مع ابنة عمها، حين انشغل أفراد الأسرة بنصب الخيمة، وبعد مرور نصف ساعة سمع الأب صراخ الأم التي انتبهت لغرق ابنتها فتوجه للبركة وتمكن من إنقاذ ابنة أخيه بعد عمل تنفس صناعي لها، فيما تعذر عليه انقاذ ابنته التي سحبتها المياه للقاع، وحين انتشلت فرق الإنقاذ جثتها كانت قد فارقت الحياة، فيما شهدت مغرقتا حتا وفاة 3 أطفال خلال الفترة ذاتها بعد أن جرفت مياه الوديان طفلاً آسيوياً يبلغ 4 أعوام بنوفمبر 2017 واستقرت جثته في قاع المغرقة، وفي حادثين منفصلين توفي طفلان (عربي وخليجي) بعد أن سحبتهما تيارات المغرقة لتجويف صخري داخل البركة، ما أدى لوفاتهما.

سلوكيات خاطئة‍

ووثقت «الرؤية»، أثناء جولة ميدانية شملت سدي وادي شوكة ووادي الحلو التابعين لإمارتي رأس الخيمة والشارقة، مقاطع فيديو ترصد سلوكيات خاطئة لبعض الأسر تتمثل في تجمع أعداد كبيرة منهم على جانبي الوديان المليئة بالمياه، فضلاً عن توجه بعضهم مع أطفالهم لالتقاط الصور التذكارية على الحواف المرتفعة لـ«المغارق» وعند مداخلها غير ملتزمين بتحذيرات اللوحات الإرشادية.‍

أخبار ذات صلة

خالد الشنقيطي مؤسس «صفقات»: جمعتُ مورّدي الأغذية مع المطاعم في منصة واحدة
«قرقاش الدبلوماسية» تستضيف حلقة نقاشية لمسؤولة في الاتحاد الأوروبي


طوال العام ‍

وأوضح المواطن سالم القايدي، من سكان منطقة شوكة التابعة لإمارة رأس الخيمة، أن المغرقة عبارة عن بركة مائية تكونت عند مصبات الأودية، ولا ينضب الماء منها طوال العام رغم توقف الأمطار التي تزود الأودية بالمياه، إذ يحول انخفاض درجة الحرارة في المناطق الجبلية والجدران الصخرية السفلى للمغرقة دون امتصاص الأرض للمياه، ما يجعل هذه البرك تحتفظ بمخزونها المائي بشكل دائم.‍

وفاة حتمية ‍

وأضاف القايدي أن عمق «المغرقة» يزيد على 10 أمتار، فضلاً عن تميزها بوجود تيارات مائية داخلية غير ظاهرة على السطح الذي يوحي لمن يراه ببطء حركة المياه وعدم عمق مستواها، بينما تسحب تياراتها الداخلية النشطة من يدخل فيها بسرعة إلى الأعماق السفلى البعيدة، فتكون النتيجة الوفاة الحتمية لوجود الدوامات الطينية التي تستقر بهم داخل التجويف الصخري في أعماق المغرقة.‍

طبقات الطين

وقال ناصر عبدالله الهاشمي «من سكان منطقة حتا التابعة لإمارة دبي» إن عمق مستوى المياه يختلف من مغرقة إلى أخرى نتيجة تباين كمية وقوة اندفاع مياه الوديان التي تصب فيها.‍

‍وأرجع عدم طفو أجسام من يغرقون في هذه البرك إلى مياهها العذبة التي تجعل كثافتها منخفضة مقارنة بمياه البحر المالحة التي تسهم نسبة الملوحة فيها بطفو الأجسام الصلبة والثقيلة على سطحها.‍

مصائد الموت ‍

وبيّن عبيد سلطان «أحد سكان منطقة حتا» أن بعض الأهالي ينصبون خيامهم قرب الوديان، ويتركون أطفالهم يلعبون في البرك المائية المكشوفة، ويسبحون فيها بغرض التسلية لاعتقادهم أن أعماقها سطحية وغير غزيرة، غير مدركين حقيقتها وكونها «مصائد موت صامتة» فمن تجرفه مياهها لا يعود للحياة أبداً، ولا يمكن الوصول إليه وإنقاذه بسرعة، لذا عُرفت بأنها أخطر من الوديان.‍

وأشار، في هذا السياق، إلى تركيب جهات الاختصاص لوحات إرشادية عند الوديان تحذر من خطورة الاقتراب من البرك العميقة، ليكون مرتادو المناطق الجبلية والوديان على بينة بخطورتها.‍

مياه ملوثة ‍

وأشار علي حمدان «من منطقة وادي الحلو التابعة لإمارة الشارقة» إلى وجود برك تعرف باسم «الغبّة» يكون عمقها سطحياً، ولا تسبب الغرق لمن يدخل فيها، إلا أنه نتيجة تلوث مياهها بالطين والأتربة فإنها قد تكون سبباً مباشراً لوفاة بعض الأطفال الذين يسبحون فيها، نتيجة دخول كميات كبيرة من المياه الملوثة للرئتين.‍

دوامات شديدة ‍

وأرجع عمر هلال «خبير طقس» تسمية بعض البرك المائية بـ«المغرقة» إلى أن من يدخلها يكون معرضاً للغرق الحتمي نتيجة لعمقها الكبير الذي يصل إلى عشرات الأمتار وقوة تيارات المياه فيها، إذ يمتاز بعضها بوجود دوامات شديدة في الداخل.‍

وبيّن أن المغارق توجد في المناطق المنخفضة من الوديان الكبيرة مثل «وادي الحلو» بإمارة الشارقة الذي توجد به مغرقة واحدة، و3 أخرى برأس الخيمة، وتحديداً بوادي القور ووادي شوكة، فضلاً عن مغرفتي أبوفراي وأبوالمدافع في حتا، وجميعها تكون مليئة بالمياه طوال العام، خصوصاً في المواسم الممطرة من العام.‍

أفاعٍ سامة ‍

يشار إلى أن مغرقة شوكة شهدت وفاة طفلتين مواطنتين (9 و7 أعوام) غرقاً قبل نحو 3 أعوام في حادثين منفصلين حين استغفلتا ذويهما واتجهتا إلى البركة بقصد السباحة والاستمتاع بتجمع مياه الأمطار، فتعرضتا للغرق والوفاة بعد أن سحبتهما تيارات المغرقة إلى تجويف صخري داخل البركة.